صحيفة المرصد: بالفيديو.. رد وزير المالية على سؤال حاسم.. هل عجز ميزانية المملكة خيار أم اضطرار؟

العجز في الميزانية كخيار استراتيجي

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن العجز في الميزانية لم يكن نتيجة ظرف طارئ، بل قرارًا مدروسًا يهدف إلى تمويل مشاريع تنموية تعود بفوائد طويلة الأمد على الأجيال القادمة. في هذا السياق، شدد على أن المملكة العربية السعودية تحظى بموقع مميز اقتصاديًا، حيث تحتل إحدى أقل المراتب في نسب الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بين دول مجموعة العشرين. هذا النهج يعكس رؤية حكيمة لإدارة المالية العامة، حيث يتم استثمار الأموال في قطاعات تُعزز الإنتاجية والنمو الاقتصادي، مما يضمن استدامة التنمية على المدى البعيد. وفقًا لتصريحات الجدعان، فإن هذا الخيار يسمح بتحقيق توازن بين الالتزام بالاستقرار المالي والاستثمار في فرص تُساهم في تعزيز الاقتصاد غير النفطي، الذي شهد نموًا ملحوظًا بنسبة 4.8%. هذا التوجه يبرز أهمية التخطيط الاستراتيجي في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، حيث يتيح للمملكة الاستفادة من هامش مرن للإنفاق دون الإخلال بالتوازن المالي.

مستويات الدين العام

يشكل مستوى الدين العام في السعودية إحدى القوى الدافعة لهذا النهج الاقتصادي، حيث يُعتبر من أقل المستويات في العالم بين الاقتصادات الناشئة والمتقدمة. خلال مشاركته في جلسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أوضح الجدعان أن المملكة تقع في المرتبة الأولى أو الثانية الأدنى ضمن مجموعة العشرين من حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، مما يمنحها مساحة واسعة للعمل والاستثمار. هذا الوضع يعزز القدرة على اتخاذ قرارات مالية مستقلة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المتقلبة. ومع ذلك، يؤكد الجدعان أن عملية الاقتراض ليست غاية في حد ذاتها، بل أداة لتحقيق أهداف استراتيجية مثل خلق فرص عمل وتعزيز الإنتاجية. على سبيل المثال، إذا تم اختيار خيار الفائض الميزاني، فإن ذلك يمكن تنفيذه بسهولة، لكن التركيز الحالي على العجز يأتي لدعم البرامج التي تُولد عوائد أعلى من تكلفة الاقتراض نفسه. هذا النهج يجعل السعودية في موقع متميز، حيث يتجاوز نمو الاقتصاد غير النفطي التكاليف المرتبطة بالاقتراض، مما يضمن عائدًا إيجابيًا على المدى الطويل.

في الختام، يمثل هذا الاستراتيجية مثالًا لكيفية دمج السياسات المالية مع أهداف التنمية الشاملة. من خلال الاستثمار في مشاريع تُعزز الابتكار والتنويع الاقتصادي، تسعى الحكومة السعودية إلى بناء أساس قوي للاقتصاد المستقبلي. هذا النهج ليس مجرد إدارة للعجز، بل خطة شاملة لتحقيق الاستدامة والنمو، مع الاستفادة من الموارد المتاحة لتعزيز القدرة التنافسية على الساحة الدولية. كما يبرز أهمية ضمان أن يظل الاقتراض مرتبطًا بمشاريع عالية القيمة تضمن عائدًا مضاعفًا، سواء من حيث الوظائف أو الإنتاجية. في ظل التحديات العالمية الحالية، يُعتبر هذا التوجه دليلاً على الرؤية الاستراتيجية التي تؤكد على الاستثمار في المستقبل بدلاً من الاكتفاء بالحلول الفورية. بالتالي، يساهم ذلك في تعزيز ثقة المستثمرين ودعم النمو الاقتصادي المستدام، مما يجعل السعودية نموذجًا يُحتذى به في إدارة المالية العامة. هذا النهج المتكامل يتيح للبلاد مواجهة التحولات الاقتصادية بفعالية، مع الحفاظ على استقرارها المالي وتحقيق أهدافها الطموحة على المدى البعيد.