أقامت شركة “بايكار” التركية حدثًا تاريخيًا لتخريج ضباط الطيارين وضباط الصف والفنيين السعوديين، الذين أكملوا برنامجًا تدريبيًا شاملاً على تشغيل الطائرة المسيرة القتالية “بيرقدار أكينجي”. هذا البرنامج يعكس التقدم في تطوير القدرات العسكرية للمملكة العربية السعودية، حيث حضر الحفل قادة بارزون مثل قائد القوات الجوية الملكية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن بندر آل سعود، وقائد القوات الجوية التركية، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لشركة بايكار. يمثل هذا الحدث خطوة أساسية في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مستندًا إلى اتفاقية وقعت في يوليو 2023، والتي تتجاوز قيمتها الثلاثة مليارات دولار، مما يجعلها من أكبر الصفقات في قطاع الطائرات المسيرة لتركيا.
تخريج ضباط سعوديين على طائرة بيرقدار أكينجي
تشمل الاتفاقية توريد طائرات “أكينجي” المتقدمة، والمجهزة بقدرات عالية الارتفاع وطويلة المدى، مثل حمل صواريخ كروز وأنظمة حرب إلكترونية ورادارات AESA. بالإضافة إلى ذلك، يغطي الاتفاق برامج تدريب مكثفة للكوادر السعودية، التي نجحت في استكمالها في تركيا، مما يعزز من جاهزية القوات الجوية السعودية. هذه الشراكة لا تقتصر على التوريدات، بل تشمل نقل التكنولوجيا وإنشاء خطوط إنتاج مشتركة داخل المملكة، وفق رؤية 2030 التي تهدف إلى توطين الصناعات الدفاعية وزيادة القدرات الذاتية. من خلال التعاون مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)، يفتح هذا الاتفاق أبوابًا لتصنيع الطائرات المسيرة محليًا، مع إمكانية تصديرها إلى أسواق أخرى في المستقبل.
تطوير قدرات الطائرات المسيرة
يعزز هذا التعاون الدفاعي بين السعودية وتركيا من القدرات العسكرية بشكل عام، حيث تغطي الاتفاقية توريد نسخ متعددة من طائرات “أكينجي” مع محطات التحكم الأرضية وأنظمة الدعم اللوجستي. الكوادر السعودية تشارك الآن في مراحل الصيانة والتشغيل والتطوير، مما يتوافق مع استراتيجية المملكة لتحقيق توطين التكنولوجيا الدفاعية بنسبة 50% بحلول عام 2030. هذا التطور يأتي كرد فعل للنجاحات التركية في مجال الطائرات المسيرة، مثل نموذج “بيرقدار تي بي2″، الذي أثبت فعاليته في المهام الاستطلاعية والهجومية. بالفعل، أعلنت شركة بايكار في أكتوبر 2025 عن تخريج أول دفعة من المتخصصين السعوديين، مما يمهد لتشغيل هذه الطائرات عمليًا في سلاح الجو السعودي، ويؤسس لأسطول متطور قادر على تنفيذ مهام بعيدة المدى. في السياق الأوسع، تعكس هذه الصفقة استراتيجية سعودية لتنويع مصادر التسليح وتقليص الاعتماد على الموردين الغربيين، مع زيادة التقارب السياسي والاستراتيجي مع تركيا، خاصة بعد تحسن العلاقات في السنوات الأخيرة. هذا التحول يجسد كيف أصبحت الشراكة الدفاعية عمودًا رئيسيًا في العلاقات بين البلدين، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجال التصنيع والتكنولوجيا العسكرية. من خلال هذه الخطوات، تتجه السعودية نحو بناء قوة دفاعية مستقلة وقوية، مع الاستفادة من الابتكارات التركية في مجال الطائرات بدون طيار، لتحقيق أهدافها في تعزيز الأمن الإقليمي والتطور الاقتصادي.
تعليقات