في الآونة الأخيرة، أثار حضور السويسري جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، إلى مدينة شرم الشيخ على هامش قمة السلام، جدلاً واسعاً بين المتابعين والإعلام. هذا التواجد، الذي جاء وسط فعاليات دولية تهدف إلى تعزيز السلام، يعكس جوانب متعددة من السياسة الدولية والعلاقات الشخصية بين القادة العالميين. يرتبط هذا الحضور بقوة بعلاقات إنفانتينو مع شخصيات بارزة، مما يجعله جزءاً من سلسلة من التفاعلات التي تجاوزت مجال الرياضة لتشمل الشؤون الدبلوماسية.
سر تواجد رئيس الفيفا في قمة شرم الشيخ للسلام
من الواضح أن سر تواجد إنفانتينو في هذه القمة يعود إلى عمق العلاقات الدولية، خاصة تلك التي تربطه بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. فقد شهدت السنوات الأخيرة تفاعلات مكثفة بين الاثنين، حيث أكد ترامب مراراً على أهمية حضور إنفانتينو في مختلف المناسبات الرسمية والغير رسمية. هذا الارتباط بدأ فعلياً عام 2016، مع تولي إنفانتينو رئاسة الفيفا بعد فضيحة الفساد الكبيرة التي أدت إلى سقوط سابقه جوزيف بلاتر. كشفت التحقيقات الأمريكية آنذاك عن ممارسات فساد واسعة، مما فتح الباب أمام تغييرات جذرية في الاتحاد، وجعل الولايات المتحدة شريكاً استراتيجياً رئيسياً في شؤون كرة القدم العالمية.
بالعودة إلى قمة شرم الشيخ، فإن حضور إنفانتينو يعزز من دور مصر كوسيط دولي في قضايا السلام، خاصة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في قطاع غزة. هذا الحضور ليس مجرد حدث عابر، بل يعكس كيف أصبحت الرياضة أداة للدبلوماسية، حيث دعم ترامب شخصياً فوز الولايات المتحدة باستضافة كأس العالم 2026 بالشراكة مع كندا والمكسيك. هذا الملف كان من أبرز القضايا التي أكد عليها ترامب أثناء فترة رئاسته، مما عزز من علاقته مع إنفانتينو وجعل الفيفا أكثر انفتاحاً على الشراكات مع Washington. في السياق ذاته، تقود مصر جهوداً مكثفة لتنفيذ اقتراح ترامب الذي يدعو إلى وقف الحرب بين إسرائيل وحماس، مع إطلاق سراح الأسرى والتأكيد على تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، التي تعاني من حصار دام أكثر من عامين.
أسباب حضور رئيس الفيفا في فعاليات السلام
عند الحديث عن أسباب حضور إنفانتينو، يبرز الجانب الاستراتيجي الذي يجمع بين الرياضة والسياسة. فمنذ توليه المنصب، سعى إنفانتينو إلى تعزيز صورة الفيفا كمنظمة دولية تعمل على بناء جسور السلام، خاصة مع الدعم الأمريكي الذي لعب دوراً حاسماً في إصلاحات الاتحاد بعد الفضائح. هذا الحضور في شرم الشيخ يمكن اعتباره استمراراً لهذه الجهود، حيث يهدف إلى ربط كرة القدم بالقضايا الإنسانية، مثل دعم مبادرات السلام في الشرق الأوسط. كما أن ترامب، بفضل نفوذه، كان داعماً قوياً لهذه الاتجاهات، مما يفسر إصراره على مشاركة إنفانتينو في الأحداث الكبرى.
تتمة هذا الموضوع تكشف عن كيف أصبحت العلاقات بين القيادات الدولية أكثر تعقيداً مع مرور الزمن. على سبيل المثال، فإن نجاح مصر في تسيير مفاوضات وقف إطلاق النار يعتمد جزئياً على دعم الولايات المتحدة، والتي تربطها بالفيفا روابط اقتصادية وإعلامية قوية. هذا التقارب يمنح إنفانتينو فرصة لتعزيز مكانة الفيفا كلاعب دولي، خاصة مع الاستعدادات لمناسبات رياضية كبيرة في المستقبل. في الوقت نفسه، يظهر هذا الحضور كدليل على التغييرات الجذرية في عالم كرة القدم، حيث تحولت من مجرد لعبة إلى أداة للنفوذ السياسي والاقتصادي. مع زيادة الضغوط الدولية لتحقيق السلام، يبقى حضور رئيس الفيفا شاهداً على كيفية اندماج الرياضة في القضايا العالمية، مما يعزز من أهمية التعاون بين الدول لمكافحة الصراعات وتعزيز الاستدامة. في النهاية، يؤكد هذا التواجد أن الرياضة ليست بعيدة عن الواقع السياسي، بل هي جزء أساسي منه، مما يفتح آفاقاً جديدة للدبلوماسية العالمية.
تعليقات