العازفة الصينية جو تشاو، المتخصصة في آلة البيبا التقليدية، شاركت في تجربة فريدة خلال زيارتها للمملكة العربية السعودية ضمن فعاليات العام الثقافي السعودي الصيني. هناك، التقى بها الفنان البارز عبادي الجوهر، أحد أبرز عازفي العود في العالم العربي، مما أدى إلى تبادل فني غني بالإلهام والتعلم المتبادل.
لقاء جو تشاو مع عبادي الجوهر
في هذا اللقاء، عبّرت جو تشاو عن إعجابها الشديد بفن الجوهر، الذي وصفته بأنه “جبل شامخ من الموسيقى”. كانت تشاو تتابع أعماله منذ سنوات، وقد كتبت بحثين أكاديميين حول مهارته في العزف على العود. استغلت زيارتها لجدة للالتقاء به بعد مشاركتها في عرض موسيقي بالرياض، حيث أبرزت قدرته على دمج القوة والرقة في أدائه، مما يجعل موسيقاه حية ومشوقة. على سبيل المثال، أدهشتها معرفته الواسعة بالمقامات العربية، حيث شرح لها أصول بعضها ومعانيه اللغوية، مما أغنى فهمها للتراث الموسيقي العربي.
بالإضافة إلى ذلك، أعادت تشاو وصف دهشتها عندما عزف الجوهر مقطعًا من سيمفونية موزارت رقم 40 على العود بسلاسة مذهلة، رغم صعوبة هذا الأمر مقارنة بآلات مثل البيانو. شددت على أنه، رغم مسيرته الطويلة، يستمر في التدريب اليومي للحفاظ على مرونة أصابعه، وهو أمر يتطلب انضباطًا كبيرًا خاصة بعد سن الثلاثين. خلال الجلسة، كان الجوهر يستمع إلى عزفها بعناية، ثم يقدم توجيهات دقيقة حول النغمات أو الإيقاعات التي أخطأت فيها، مما ساعدها في تحسين أدائها. بل وعلّمها مقطوعة “تبيه” نغمة بنغمة، وأهداها أدوات فنية قيمة مثل آلة عود خاصة، إلى جانب ريش العزف وزيت العود، مع نصيحته بأن تمارس عشر ساعات يوميًا، ووعده بإرسال مقاطع تدريبية لدعمها.
التجربة الفنية بين الثقافتين
هذه التجربة لم تكن مجرد لقاء شخصي، بل تجسيدًا للقرب الثقافي بين الصين والسعودية. عبّرت تشاو عن إلهامها من خلال تسجيل نسخة من مقطوعة “قالوا ترى” على آلة البيبا بعد عودتها إلى الصين، كإهداء لهذا اللقاء ولمبادرات العام الثقافي التي جمعتهما. هذا التبادل يبرز كيف يمكن للموسيقى أن تكون جسراً بين الثقافات، حيث استلهمت تشاو من فن الجوهر لتطور أسلوبها الخاص، مما يعكس الأهمية العالمية للحوار الفني. في النهاية، يظل هذا اللقاء شهادة على التفاني في الفن، حيث يستمر الفنانون في البحث عن الإبداع والتعلم المستمر، مما يثري المشهد الثقافي العالمي بأكمله. هذه القصة تذكرنا بأن الفن يتجاوز الحدود، وأن الالتقاءات مثل هذه تخلق روابط دائمة تجمع بين التراثين الصيني والعربي.

تعليقات