مع اقتراب نهاية الحرب في غزة، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه أمام تحديات متزايدة، حيث تبرز الانقسامات الداخلية والضغوط الشعبية التي تهدد استقراره السياسي، مع عودة منافسيه إلى المشهد بنفوذ متجدد.
ساعة الحساب لنتنياهو
في ظل انتهاء النزاع المسلح في غزة، يتحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي مسؤولية الفشل الأمني الكبير الذي سبق الهجمات في أكتوبر 2023، مما أدى إلى اندلاع الصراع. هذا الفشل لم يكن مجرد خطأ عسكري، بل أدى إلى تمديد الحرب رغم رغبة الرأي العام في إسرائيل في إنهاء الأزمة بشكل أسرع، خاصة مع التركيز على إعادة الأسرى. بينما كان يؤكد على هدف “القضاء التام” على الخصوم، زاد من دوامة العنف وأثار غضبًا شعبيًا واسعًا. الآن، مع تآكل الإجماع الوطني، يظهر تراجع الرغبة في الخدمة العسكرية، حيث انخفضت معدلات التطوع في قوات الاحتياط من مستويات عالية في البداية إلى نحو 60% فقط، مما خلق مشكلات عملياتية وأكد على التقسيمات الاجتماعية. في الأشهر الأخيرة، زادت العزلة الدولية وتصريحاته الجريئة عن جعل إسرائيل دولة مسلحة دائمة، مما عزز المعارضة الداخلية، كما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة انخفاضًا حادًا في دعم حزبه.
تحديات القيادة الإسرائيلية
مع هذا التطور، يبرز دور منافس نتنياهو السابق، الذي يعيد تشكيل خريطة السياسة الإسرائيلية من خلال عودته القوية، مدعومًا باستطلاعات تشير إلى إمكانية تشكيل تحالفات جديدة. هذا التحول يعني أن الائتلاف الحالي قد يفقد أغلبيته في البرلمان، محتملاً خسارة كبيرة من 68 مقعدًا إلى 49 فقط في حال عقد الانتخابات الآن. ليس ذلك بسبب انهيار حزب نتنياهو فقط، بل بفضل إعادة هيكلة اليمين القومي، حيث يقود هذا المنافس تحالفات متنوعة شملت في الماضي أحزابًا من اليمين المتدين إلى اليسار. هذا التحدي يجعل مستقبل نتنياهو غامضًا، خاصة مع توقعات بأن الانتخابات المرتقبة في 2026 قد تكون أصعب عليه. في الفترة ما بعد الحرب، سيواجه محاسبة سياسية، ربما من خلال لجنة تحقيق رسمية، على الرغم من رفض الحكومة لمثل هذه الخطوات سابقًا، مما يدفع نحو انتخابات مبكرة لتقييم المسؤولية.
أما التأثير الواسع، فهو يتجاوز نتنياهو نفسه، حيث يعاني المجتمع الإسرائيلي من صدمة الهجمات التي غيرت الأولويات، مثل انخفاض دعم “حل الدولتين” بشكل كبير. الآن، يدعو المنافس إلى إدارة الصراع مع التركيز على ضم أجزاء من الضفة الغربية، مما يفتح الباب لتحالفات محتملة مع أحزاب أخرى، مثل تلك القومية أو الديمقراطية التي تؤيد تسويات إقليمية. على الرغم من أن رحيل نتنياهو قد يحقق بعض الهدوء في إدارة الشؤون الداخلية، إلا أن ذلك لن يكفي لتحقيق تسوية شاملة مع الفلسطينيين، حيث يظل الدعم الدولي ضروريًا. في النهاية، ستنشغل إسرائيل بالتعافي من آثار الحرب، محاولة التوازن بين الأمن والسلام وسط تحولات سياسية تعيد رسم حدود القوى الداخلية، مما يشكل لحظة حاسمة في مسيرتها الحديثة.
تعليقات