في عالم مليء بالقصص الإنسانية المؤثرة، يروي الفنان عبدالله الودعاني تفاصيل حياة والده التي مزجت بين الصعوبات والأمل، مستندًا إلى إرث عائلي يمتد عبر البلدان والأجيال. كان والده، الذي ولد في ظروف صعبة، رمزًا للصمود الذي يتجاوز الفقدان والفراق، حيث بدأت رحلته من الأرض السعودية إلى عوالم أخرى، مما يعكس كيف يمكن للأقدار أن تشكل مصائر الأفراد بطرق غير متوقعة.
قصة عائلة الودعاني ومصاعبها
يبدأ عبدالله الودعاني روايته بأصول عائلته، حيث غادر جده صالح من قرية الأفلاج في المملكة العربية السعودية متوجهًا نحو الكويت، حاملًا معه أحلامًا جديدة. هناك، تزوج جدة الودعاني مريم الشمري، وبعد ذلك، انتقل الزوجان إلى مدينة الخفجي، حيث وُلد والد عبدالله في بيئة متواضعة مليئة بالتحديات اليومية. كانت تلك البدايات نقطة انطلاق لقصة تكشف عن قوة الروابط العائلية في وجه الظروف القاسية. ومع مرور الوقت، أصبحت هذه الرحلة عبر الحدود رمزًا للبحث عن حياة أفضل، لكنها سرعان ما تحولت إلى دراما عاطفية عندما تعرض صالح لحادث مفاجئ أدى إلى غيبوبة مطولة، مما أدى إلى انقطاع الاتصال به في عصر لم تكن فيه وسائل التواصل متاحة كما هي اليوم. هذا الحادث لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان نقطة تحول أثرت على مسار العائلة بأكملها، حيث اضطرت جدة الودعاني مريم إلى اتخاذ قرارات صعبة لضمان بقاء أفراد أسرتها.
سيرة الفراق والرعاية
مع فقدان صالح، واجهت مريم تحديات كبيرة في العثور عليه، مما دفعها إلى الاتصال بالسلطات في السعودية. عندما فشلت جهودها، قررت العودة إلى الكويت ثم التوجه نحو العراق، محملة بأعباء الرحيل. ومع ذلك، عند وصولها إلى الحدود، واجهت عقبة أكبر: تم اعتبار والد عبدالله سعوديًا، ولم يسمح له بالخروج دون تصريح رسمي. وصف الودعاني هذه اللحظة بأنها من أشد اللحظات إيلامًا، حيث اضطرت جدته إلى ترك الطفل وحده، عاجزة عن اصطحابه معها أو العودة به داخل المملكة بسبب عدم امتلاكها لإقامة رسمية. هكذا، أصبح والد الودعاني تحت وصاية الدولة، حيث تم وضعه في دار رعاية للأطفال، مكان يقدم الرعاية الأساسية لكن يفتقر إلى دفء العائلة. هنا، بدأت مرحلة جديدة في حياته، حيث تبناه رجل آخر اسمه عبدالله، الذي رباه كأحد أبنائه الحقيقيين لمدة 27 عامًا، مما قدم له الدعم العاطفي والمادي الذي كان يفتقده.
مع مرور السنوات، تحولت هذه القصة إلى دراما مليئة باللقاءات المؤثرة، حيث التقى والد عبدالله بجدته صالح لأول مرة بعد سنوات طويلة من الغياب. كان هذا اللقاء مفاجئًا وعميقًا، إذ عرف صالح ابنه فورًا وأخذه إلى المنزل، محتفلًا بعودته في احتفال كبير جمع العائلة بأكملها. يروي الودعاني كيف قال صالح في ذلك اليوم: “كنت أدعو الله ألا يأخذ أمانته حتى ألتقي بك”، كلمات تعبر عن الشوق والألم الذي رافق حياته. ومع ذلك، لم تدم الفرحة طويلًا، إذ توفي صالح بعد ثلاثة أشهر فقط من هذا اللقاء، مما أضاف طبقة أخرى من الحزن إلى القصة. هذه الرواية ليست مجرد سرد لأحداث، بل هي دروس في الصبر والأمل، حيث يظهر كيف يمكن للعائلات أن تعيد بناء نفسها رغم الضياع والفراق. في نهاية المطاف، تكشف قصة عائلة الودعاني عن القوة البشرية في مواجهة التحديات، مما يجعلها مصدر إلهام للجميع، خاصة في زمن يسوده الارتباطات الإنسانية القوية. هذه الحكاية تذكرنا بأن كل عائلة تحمل قصتها الخاصة، مليئة بالدروس التي تشكل هويتنا وتعلمنا كيف نواجه المستقبل بثقة.
تعليقات