عدم تنظيم استخدام الأجهزة الإلكترونية لدى الأطفال يمكن أن يعيق نجاحهم الدراسي بشكل كبير.

في ظل التحولات الرقمية السريعة التي يشهدها العصر الحديث، أصبح الإفراط في استخدام الشاشات من أبرز التحديات التي تواجه الأطفال، حيث يؤثر ذلك سلبًا على قدراتهم الإدراكية والاجتماعية. يؤكد الخبراء أن قضاء ساعات طويلة أمام الأجهزة الإلكترونية يقلل من التركيز والتعلم، ويؤدي إلى ضعف المهارات العقلية والاجتماعية، مما يجعل الحاجة ماسة لترسيخ عادات صحية في التعامل مع التكنولوجيا.

مخاطر الإفراط في استخدام الشاشات

أكد أستاذ واستشاري غدد الصماء وسكري الأطفال أن السنوات الأولى من عمر الطفل هي الأكثر أهمية في بناء الدماغ وتطوير قدراته الإدراكية. لذا، يُعد السماح للأطفال بقضاء وقت طويل أمام الشاشات دون رقابة خطأ تربويًا كبيرًا، حيث يسبب تشتت الانتباه وتقليل الرغبة في الأنشطة الواقعية التي تنمي الذكاء الاجتماعي واللغوي. كما أن هذا الإفراط يعيق التفكير الإيجابي ويؤثر على صحة الطفل العامة، مما يدعو إلى وضع حدود واضحة لاستخدام الأجهزة الإلكترونية منذ سن مبكرة.

وفي هذا السياق، أشار الخبير إلى أهمية توجيه الأطفال نحو محتوى مفيد وآمن يتناسب مع أعمارهم، ليصبح التكنولوجيا أداة للتعلم بدلاً من سبب للعزلة. كما تؤكد الدراسات، مثل تلك الكندية في أونتاريو التي استمرت 15 عامًا، على أن الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلًا أمام الشاشات يحققون نتائج دراسية أقل، بسبب تراجع القدرة على التركيز وقلة النوم الناتجة عن الاستخدام الليلي. هذه التأثيرات السلبية تؤدي إلى انخفاض الأداء الدراسي وتدهور المزاج العام.

تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال

يشكل دور الأسرة دورًا حاسمًا في بناء سلوك رقمي متوازن، حيث يجب على الآباء تحديد ملامح استخدام التقنية وزرع مفهوم الاعتدال في أذهان الأطفال. ليس الأمر مقتصرًا على المنع فقط، بل يتطلب توجيهًا وإقناعًا من خلال حوار هادئ، ليتمكن الطفل من التمييز بين الاستخدام المفيد والاستهلاك السلبي. كما يوصى بتخصيص فترات خالية من الأجهزة، مثل أوقات الوجبات أو الجلسات العائلية، لتعزيز التفاعل الإنساني وتعزيز مهارات التواصل.

في الختام، يقدم الخبير نصائح عملية لضمان الاستخدام السليم للتكنولوجيا، مثل تحديد وقت يومي لا يتجاوز ساعتين، الابتعاد عن الشاشات قبل النوم لتجنب تأثير الضوء الأزرق على جودة النوم، ومراقبة المحتوى الذي يتابعه الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، يشدد على أهمية تشجيع ممارسة الرياضة والهوايات اليدوية، وقضاء وقت كافٍ مع العائلة لتعزيز الذكاء العاطفي والاجتماعي. بهذه الطرق، يمكن تحقيق التوازن بين العالم الرقمي والحياة الواقعية، مما يساعد الأطفال على النمو بشكل صحي ومستدام.