نظام “حضوري” يفرض على أبناء المعلمين البقاء في المدارس حتى نهاية دوام آبائهم!

تسبب تطبيق “حضوري” في تعقيد حياة أسر المعلمين، حيث أصبح من الضروري توثيق انصرافهم عبر التطبيق قبل مغادرة المدرسة، مما يجبر أبناءهم على البقاء داخل المؤسسات التعليمية حتى انتهاء دوام آبائهم. هذا الإجراء الجديد، الذي يهدف إلى تعزيز الضبط الإداري، قد أدى إلى ظهور مشكلات اجتماعية واقتصادية للعديد من العائلات التعليمية، حيث يضطر الأطفال إلى الانتظار لساعات طويلة في الفصول أو المكاتب، مما يعرضهم للإرهاق الجسدي والنفسي.

تحديات تطبيق حضوري

تظهر هذه القضية كم كان التطبيق مدعاة للتوتر بين متطلبات العمل اليومي والحياة الأسرية، حيث يروي عدد من المعلمين، مثل تركي السبيعي وفهد الروقي، أنهم يأتون بأبنائهم إلى المدرسة صباحًا، ثم يضطرون للسماح لهم بالانتظار حتى يتم توثيق خروجهم. هذا الانتظار، الذي يمتد أحيانًا إلى ساعتين كما أشار محمد النهاري، يؤثر بشكل خاص على الأطفال في المرحلة الابتدائية، الذين يجدون صعوبة في تحمل الجلوس لفترات طويلة دون نشاط. إن طبيعة عمل المعلمين، الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالطلاب وأنشطتهم التعليمية، يختلف عن باقي القطاعات الوظيفية، حيث لا يقتصر على ساعات دوام محددة بل يمتد ليشمل متابعة عملية. هذا الاختلاف يجعل تطبيق الإجراءات ذاتها غير عملية، كما يؤكد النهاري، مشددًا على أنها تضع المعلمين في موقف غير منطقي يتنافى مع خصوصيتهم المهنية.

آثار نظام الحضور على الأسر

ومع ذلك، فإن الآثار الواسعة لهذا التطبيق تتجاوز الانتظار اليومي، حيث يطالب العديد من المعلمين وزارة التعليم بإعادة النظر في آلياته لجعلها أكثر مرونة. هؤلاء المعلمون يشيرون إلى أن المسافات بين منازلهم والمدارس تجعل من الصعب إيصال أبنائهم إلى منازلهم ثم العودة في الوقت المطلوب، مما يزيد من الضغوط اللوجستية. على سبيل المثال، إذا كان المعلم يعمل في مدرسة بعيدة عن منزله، فإنه قد يضطر إلى تغيير خططه اليومية، بما في ذلك ترتيبات النقل أو رعاية الأطفال، وهو ما يعزز من الإرهاق العام. كما أن هذه الإشكالية تكشف عن حاجة ماسة لتطوير نظام يأخذ بعين الاعتبار خصوصية البيئة التعليمية، مثل السماح بتسجيل خروج مبكر في حالات معينة أو توفير خيارات بديلة للمعلمين الذين لديهم أطفال. في السياق نفسه، يبرز أن هذه المشكلة ليست جديدة، إذ كشفت تقارير سابقة عن صعوبات أخرى مرتبطة بالتطبيق، مثل زيادة نفقات وجبات الغداء، حيث يضطر المعلمون إلى إنفاق المزيد بسبب التأخير في الخروج. هذه التحديات المتعددة تدفع نحو ضرورة التدخل السريع لتجنب تفاقم المشكلات، حيث يمكن للوزارة أن تعمل على تحسين البرمجيات لتكون أكثر توافقًا مع احتياجات الميدانية، وتوفير تدريبات للمستخدمين لفهم كيفية دمجها بشكل أفضل في الحياة اليومية.

في الختام، يعكس هذا الوضع الحالي مدى أهمية التكيف بين التكنولوجيا الرقمية والواقع الإنساني في قطاع التعليم. الاستمرار في فرض قواعد صارمة دون مراعاة الجوانب الاجتماعية قد يؤدي إلى خسارة ثقة المعلمين وانخفاض كفاءتهم، مما يؤثر على جودة التعليم بشكل عام. لذا، يجب على القائمين بالأمر التركيز على بناء حلول تعزز من التوازن بين الضبط الإداري والرفاهية الأسرية، لضمان أن يكون التطبيق أداة مساعدة وليس عبئًا إضافيًا. بهذا الشكل، يمكن للمعلمين مواصلة عملهم بكفاءة أعلى، مع الحفاظ على صحة أسرهم واستقرار حياتهم اليومية.