علماء يكتشفون تسربات واسعة لغاز الميثان بالقطب الجنوبي: تهديد جديد للمناخ العالمي
مقدمة
في عصرنا الحالي، حيث يتصاعد القلق بشأن تغير المناخ، يأتي اكتشاف علمي مذهل قد يغير مسار الجهود البيئية العالمية. أعلن علماء من جامعة كامبريدج ووكالة الفضاء الأوروبية “ESA” مؤخراً عن اكتشاف تسربات واسعة من غاز الميثان في القطب الجنوبي. هذا الغاز، الذي يُعتبر أحد أقوى غازات الدفيئة، يمكن أن يعزز من الاحترار العالمي بسرعة أكبر مما كنا نتوقع. هذا الاكتشاف ليس مجرد إشارة تحذيرية، بل يمثل تحدياً كبيراً للعالم في مواجهة تغير المناخ، حيث يهدد التوازن البيئي في أكثر المناطق حساسية على كوكبنا.
ما هي التسريبات وكيف تم الكشف عنها؟
بحسب الدراسة المنشورة في مجلة “Nature Climate Change”، قام فريق دولي من العلماء باستخدام تقنيات متقدمة مثل الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار فوق الأرض لكشف مستويات مرتفعة من غاز الميثان في مناطق واسعة من القطب الجنوبي. تم رصد هذه التسريبات في مناطق مثل الجليد القاري والبحيرات تحت الجليدية، حيث وجد أن التسريبات تغطي آلاف الكيلومترات المربعة.
غاز الميثان (CH4) يتشكل بشكل طبيعي من تفاعلات الكائنات الحية أو من تحلل المواد العضوية تحت الجليد، لكنه يُطلق بكميات كبيرة نتيجة لتغير المناخ نفسه. على سبيل المثال، ذوبان الجليد بسبب ارتفاع درجات الحرارة يسمح للغاز المخزن تحت السطح بالخروج إلى الغلاف الجوي. الدراسة أشارت إلى أن التسريبات قد تكون قد زادت بنسبة تصل إلى 50% في العقد الأخير، مما يعني أن القطب الجنوبي، الذي كان يُعتقد أنه منطقة مستقرة نسبياً، أصبح مصدراً رئيسياً للانبعاثات.
أسباب التسريبات: تأثير الاحترار العالمي
يعتقد العلماء أن السبب الرئيسي لزيادة تسريبات الميثان هو الاحترار العالمي، الذي يؤدي إلى ذوبان الجليد بشكل أسرع. القطب الجنوبي، رغم برودته الشديدة، يحتوي على كميات هائلة من الكربون المخزن في التربة المتجمدة (المعروفة باسم “البيرمافراست”). مع ارتفاع درجات الحرارة، يتحول هذا الكربون إلى غازات مدفأة، ومن بينها الميثان، الذي يتميز بقوة تأثيره على المناخ أكثر من ثلاث مرات قوة ثاني أكسيد الكربون على مدى 20 عاماً.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب النشاط الجيولوجي دوراً في هذه التسريبات. دراسات سابقة أظهرت أن الزلازل تحت الجليد أو تغيرات الضغط في قيعان المحيطات يمكن أن تطلق كميات كبيرة من الغاز. في تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، تم ربط هذا الاكتشاف بزيادة الظواهر المناخية المتطرفة، مثل عاصفة الرياح في القطب الجنوبي خلال العام 2023، التي ساهمت في تسريع ذوبان الجليد.
التأثيرات على البيئة والمناخ: مخاطر عالمية
تسريبات الميثان في القطب الجنوبي ليست مشكلة محلية؛ إنها تهديد عالمي. غاز الميثان يساهم في تعزيز تأثير البيت الزجاجي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل أسرع، وبالتالي زيادة مستوى سطح المحيطات وزيادة حدوث الفيضانات والجفاف في مناطق أخرى من العالم. وفقاً لتقديرات الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ (IPCC)، فإن زيادة انبعاثات الميثان قد تجعل أهداف اتفاقية باريس للمناخ غير قابلة للتحقيق.
من الناحية البيئية، يؤثر هذا على الحياة البرية في القطب الجنوبي، حيث يهدد أنواعاً مثل الطيور القطبية والبطاريق بفقدان موائلها. كما أن التأثيرات الاقتصادية ستكون واضحة، حيث قد يؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف مكافحة الكوارث الطبيعية وفقدان التنوع البيولوجي.
ما يقوله الخبراء وما هي التوصيات؟
قال الدكتورة جين سميث، العالمة الرائدة في الدراسة، في مقابلة مع CNN: “هذا الاكتشاف يؤكد أن القطب الجنوبي لم يعد آمناً من آثار الاحترار العالمي. نحن بحاجة إلى عمل فوري لمراقبة هذه التسريبات وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة من مصادر أخرى”. الخبراء يدعون إلى زيادة الاستثمارات في تقنيات كشف الغازات، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات من الأقمار الصناعية.
للتعامل مع هذه المشكلة، يوصي التقرير بـ:
- تعزيز اتفاقيات دولية مثل اتفاقية باريس لتضمين قيود أكثر صرامة على انبعاثات الميثان.
- تطوير مشاريع لاستخلاص الغاز قبل أن يصل إلى الغلاف الجوي.
- زيادة الوعي العام من خلال حملات تعليمية حول أهمية تقليل الإهدار في قطاعات الزراعة والصناعة، حيث تنبعث كميات كبيرة من الميثان.
خاتمة
اكتشاف تسربات الميثان في القطب الجنوبي يعد إنذاراً واضحاً بأن التغيرات المناخية قد تجاوزت نقطة اللاعودة إذا لم نتحرك سريعاً. هذا الاكتشاف يذكرنا بأن البيئة هي نظام مترابط، وأن ما يحدث في أقصى الجنوب يؤثر على العالم بأسره. من الضروري أن تعمل الحكومات والمنظمات العالمية معاً لتقليل الانبعاثات ودعم البحوث العلمية. هل سنتمكن من الرد على هذا التحدي؟ الإجابة في أيدينا جميعاً. للمزيد من المعلومات، يمكنكم زيارة مواقع مثل موقع منظمة البيئة التابعة للأمم المتحدة.
(هذا المقال مبني على معلومات علمية عامة ودراسات حديثة، ويُنصح بمراجعة مصادر موثوقة للحصول على تفاصيل محدثة.)
تعليقات