مصافحة محتملة بين السوداني وترامب.. هل تكون كافية لإعادة بناء العلاقات مع الولايات المتحدة؟

في لحظة تتقاطع فيها قضايا الحرب في غزة مع إعادة تشكيل التوازنات في الشرق الأوسط، يشارك رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في قمة شرم الشيخ التي تنطلق اليوم، محاطة بوجود عربي ودولي واسع برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. هذه المشاركة تأتي بعد استبعاد العراق من اجتماعات سابقة، مما يعيد إلى الواجهة دور بغداد في الساحة الدبلوماسية، ويثير تساؤلات حول إمكانية حدوث لقاء بين السوداني وترامب خلال فعاليات القمة.

مشاركة العراق في قمة شرم الشيخ

يشير أستاذ العلوم السياسية طارق الزبيدي إلى أن العراق كان متضرراً من عدم دعوته إلى الاجتماعات السابقة مع ترامب، معتبراً أن بغداد تسعى دائماً لللعب دور وسيط في القضايا الإقليمية. هذه القمة تمثل فرصة لإعادة دمج العراق في الحوارات الدولية، خاصة مع التركيز على أزمة غزة، التي تطغى على مناقشات الشرق الأوسط. الدعوة من قبل الرئيس السيسي تعكس رغبة في تعزيز دور بغداد، رغم الفتور في علاقاتها مع الولايات المتحدة مؤخراً. يرى الزبيدي أن أي لقاء محتمل بين السوداني وترامب سيكون رمزياً، مركزاً على الأحداث في غزة دون الخوض في قضايا أخرى، مما يشير إلى خطوة أولية نحو تحسين العلاقات بعد فترة من الجمود.

يؤكد الزبيدي أن العراق يسعى لتفعيل دوره الخارجي، خاصة بعد التركيز على الملفات الداخلية في السنوات الماضية. من وجهة نظر محللين، تعد مشاركة السوداني في هذه القمة محاولة لاستعادة التوازن بين العلاقات الإقليمية والدولية، مع الاعتراف بأهمية العراق كركيزة للاستقرار في المنطقة. على الرغم من التوترات، فإن واشنطن تدرك أن العلاقات مع بغداد مبنية على مصالح مشتركة، مما يدفع نحو تفاعل حذر. هذا النهج يعكس سياسة “فاعلية هادئة” للعراق، تهدف إلى تجنب الاصطفافات الشديدة مع أي محور، سواء مع طهران أو واشنطن.

دور بغداد في الدبلوماسية الإقليمية

يحاول العراق من خلال قمة شرم الشيخ أن يؤكد أنه لم يعد يقبل بالبقاء خارج دوائر القرار الإقليمي، محاولاً أن يتجاوز صورة الدولة المتأثرة بشكل كبير بالتحالفات الخارجية. كما يسعى السوداني إلى تعزيز الدبلوماسية العراقية عالمياً، مستفيداً من هذه المنصة لإظهار دوره في حل النزاعات. مراقبون يرون أن أي لقاء مع ترامب، حتى لو كان رسمياً فقط، سيكون خطوة رمزية لكسر العزلة الدبلوماسية، خاصة بعد عدم دعوة السوداني إلى اجتماعات سابقة في نيويورك. في هذا السياق، تُعتبر القمة فرصة لإرسال رسالة واضحة: العراق مستعد للانخراط في الحوارات الكبرى دون الوقوع في فخ التبعية.

بالإضافة إلى ذلك، يبرز تحليل الزبيدي أن العلاقات العراقية الأمريكية تعتمد على مصالح متبادلة، حيث لا تستطيع واشنطن الاستغناء عن بغداد في المعادلة الإقليمية. هذا التوازن يدفع العراق نحو تبني موقف متوازن، يركز على السلام في غزة كقضية مركزية. في ظل عالم يشهد إعادة تشكيل الخرائط السياسية بفعل الحروب، تبدو الدبلوماسية العراقية في طريقها لاستعادة مكانتها خطوة بخطوة، مما يعزز من دور بغداد كلاعب فعال في الساحة الدولية. بهذا الشكل، تُمثل مشاركة العراق في القمة خطوة مهمة نحو استعادة النفوذ، مع الحرص على عدم الارتباط بأي طرف بشكل حصري.