عالم الاجتماع الإسرائيلي ياغيل ليفي يعبر عن مخاوفه البالغة من الخطة الجديدة الموافق عليها من قبل إسرائيل لمستقبل قطاع غزة، معتبراً أنها خطوة غير محسوبة ومبنية على افتراضات غير واقعية. يؤكد ليفي أن هذه الخطة، المدعومة من الإدارة الأمريكية السابقة، تهدف إلى تحويل غزة إلى منطقة بلا سيادة حقيقية، حيث يتم إدارتها جزئياً بواسطة قوة دولية متعددة الجنسيات مسؤولة عن نزع سلاح حركة حماس. وفق رأيه، يشكل هذا الاقتراح مغامرة خطيرة تفصل تماماً عن الواقع السياسي والاجتماعي الحالي في المنطقة.
مخاطر الخطة لمستقبل غزة
وفي تقييمه للخطة، يشير ليفي إلى أن محاولات نزع السلاح الناجحة في نزاعات سابقة، مثل تلك التي حدثت في أيرلندا الشمالية وموزمبيق والسلفادور وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، كانت ناجحة فقط تحت ظروف استثنائية تشمل اتفاقات سلام شاملة أو اندماجاً سياسياً أو استسلاماً كاملاً. ومع ذلك، فإن غزة اليوم لا تشهد أي من هذه الشروط؛ فلا اتفاق سياسي يوحي بالاستقرار، ولا أي مؤسسات قادرة على ضمان التنفيذ، بينما ترفض حماس تسليم أسلحتها دون أي حوافز واضحة. هذا الوضع، حسب ليفي، يمكن أن يؤدي إلى عواقب جسيمة، حيث قد يعود مئات الآلاف من النازحين إلى منازلهم فقط ليواجهوا سلطة أجنبية غير شرعية، ربما يقودها شخصية دولية مثل رئيس وزراء بريطاني سابق، في حين تبقى بعض المناطق تحت سيطرة إسرائيلية مباشرة ضمن ما يعرف بـ”المحيط الأمني”.
مخاطر في القطاع
من منظور إسرائيلي، يرى ليفي أن هذه الخطة تخلق منطقة عازلة محتملة التوتر، تكون تحت إشراف قوة دولية غير ملتزمة بالتدخل بشكل فعال، مما قد يؤدي إلى تفاقم الفوضى والغضب بين السكان. هذا الواقع يهدد بإثارة مشاعر التمرد وظهور جماعات مسلحة جديدة لا تخضع لأي هيكل رسمي، مما يضع إسرائيل أمام خيارين صعبين: إما ممارسة ضبط النفس أمام الفوضى المتزايدة، أو إعادة شن عمليات عسكرية في مناطق تخضع لتلك القوة الدولية، وهو أمر قد يتحول إلى كارثة عسكرية وأخلاقية. يصف ليفي هذه الخطة بأنها تعكس رؤية أمريكية مبسطة تعتمد على أوهام “الهندسة الاجتماعية” لشعب فقد سيادته، دون مراعاة الواقع الإنساني. بالمقابل، يقترح ليفي بديلاً يتمثل في دمج حماس ضمن منظمة التحرير الفلسطينية لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة أكثر شرعية، مما يمكن أن يتيح لسلطة فلسطينية إصلاحية السيطرة على غزة. هذا المسار، الذي اقترحه سابقاً رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، يشمل إطلاق سراح شخصيات مثل مروان البرغوثي لقيادة عملية سياسية جديدة، وهو ما يمكن أن يحقق مصالح إسرائيل أكثر أماناً. ومع ذلك، يرفض إسرائيل هذا النهج، مختارة مساراً يعرض أمنها لمخاطر أكبر، مما يعزز من احتمالية استمرار التوترات في المنطقة. في الختام، يؤكد ليفي أن تجاهل هذه التحديات قد يؤدي إلى نتائج كارثية، مشدداً على أهمية بناء حلول واقعية تعتمد على الحوار والاندماج السياسي لضمان الاستقرار طويل الأمد.
تعليقات