أمن هواتفنا
بقلم: جمال الدويري
صحيفة الخليج – الخليج
في عصرنا الرقمي الذي يسيطر فيه الهواتف الذكية على حياتنا اليومية، أصبحت هواتفنا أكثر من مجرد أدوات اتصال؛ إنها خزانات لأسرارنا الشخصية، بياناتنا المالية، وأحياناً أسرار عملنا. لكن، مع تزايد الاعتماد على هذه الأجهزة، ينمو أيضاً خطر الانتهاكات الأمنية التي تهدد خصوصيتنا. في هذا المقال، سنستعرض أبرز التحديات المتعلقة بأمن هواتفنا، ونقدم نصائح عملية للحماية، مع التركيز على واقعنا في دول الخليج العربي.
مخاطر أمن هواتفنا: التهديدات اليومية
يواجه الهواتف الذكية العديد من التهديدات الإلكترونية، التي تتراوح من هجمات بسيطة إلى معقدة للغاية. على سبيل المثال، أصبحت فيروسات الرانسوموير (التي تقفل الجهاز وتطالب بفدية) وبرمجيات التجسس الشهيرة مثل Pegasus، أخباراً متداولة في الإعلام العالمي. وفقاً لتقرير صادر عن شركة كاسبرسكي للأمان الرقمي، شهدت الشرق الأوسط ارتفاعاً بنسبة 30% في هجمات السيبران خلال العام الماضي، حيث كانت الهواتف الذكية أحد أكثر الأهداف عرضة.
في دول الخليج، حيث يتزايد استخدام التطبيقات المصرفية والتجارية عبر الهواتف، أصبحت الهجمات المتعلقة بالتصيد الإلكتروني (Phishing) شائعة. هذه الهجمات غالباً ما تأتي على شكل رسائل نصية أو روابط مشبوهة تُغري المستخدم بإدخال بياناته الشخصية، مما يؤدي إلى سرقة هويات أو حتى فقدان الأموال. كما أن التحديثات البرمجية غير المنتظمة تعرض الهواتف للثغرات الأمنية، خاصة مع انتشار أنظمة التشغيل مثل أندرويد وiOS في المنطقة.
كيف نحمي هواتفنا: خطوات بسيطة وفعالة
الحماية من هذه التهديدات ليست معقدة إذا اتبعنا بعض الإرشادات الأساسية. أولاً، يجب علينا دائماً استخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل تطبيق، وتفعيل ميزة التحقق الثنائي (Two-Factor Authentication) لإضافة طبقة إضافية من الأمان. على سبيل المثال، إذا كنت تستخدم تطبيق مصرفي، تأكد من أن كلمة السر تحتوي على مزيج من الأحرف والأرقام والرموز.
ثانياً، التحديثات البرمجية أمر حاسم. غالباً ما تكتشف شركات مثل جوجل وأبل ثغرات أمنية وتقوم بتصحيحها عبر التحديثات، لذا يجب تفعيل خاصية التحديث التلقائي على هاتفك. كما أن تثبيت تطبيق مضاد للفيروسات موثوق، مثل أفاست أو أفاسecure، يساعد في اكتشاف البرمجيات الضارة قبل أن تسبب ضرراً.
في دول الخليج، حيث يعتمد الكثيرون على شبكات الواي-فاي العامة في المطارات والفنادق، يجب تجنب الاتصال بشبكات غير آمنة لتجنب سرقة البيانات. بدلاً من ذلك، استخدم شبكات VPN المشفرة، التي توفر طبقة إضافية من الحماية، خاصة عند التصفح أو الدفع عبر الإنترنت.
دروس من الواقع: حوادث محلية ودولية
في السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة حوادث أمنية كشفت هشاشة الهواتف. على سبيل المثال، في عام 2021، أدت هجمة كبرى على هواتف موظفين في إحدى الشركات الحكومية في الإمارات إلى تسرب بعض البيانات، مما أثار مخاوف حول أمان البنية التحتية الرقمية. دولياً، كشف تحقيق بي بي سي عن استخدام برنامج Pegasus من قبل حكومات لب espioner على معارضين، مما يذكرنا بأهمية حماية خصوصيتنا.
خاتمة: نحو مستقبل رقمي آمن
في النهاية، أمن هواتفنا مسؤولية مشتركة بين المستخدمين والحكومات. في دول الخليج، التي تسعى لتحقيق رؤية رقمية متقدمة كـ “رؤية 2030” في السعودية أو “رؤية الإمارات”، يجب تعزيز البرامج التعليمية حول الأمان الرقمي. دعونا نرفع مستوى الوعي، ونتبع الممارسات الآمنة، لنمنع أن نصبح ضحايا الهجمات الإلكترونية. تذكر، هاتفك ليس مجرد جهاز؛ إنه جزء من حياتك، فاحميه كما تحمي نفسك.
جمال الدويري
كاتب متخصص في التكنولوجيا والأمان الرقمي، ينشر في صحيفة الخليج.
تعليقات