سام ألتمان في جيتكس: رؤية العصر الجديد للذكاء الاصطناعي

سام ألتمان في جيتكس: رؤية العصر الجديد للذكاء الاصطناعي

في عالم الابتكار السريع التطور، يُعتبر معرض جيتكس (GITEX) في دبي، الإمارات العربية المتحدة، منصة عالمية لعرض أحدث التقنيات والرؤى المستقبلية. وفي إحدى الجلسات البارزة لهذا المعرض، الذي يُقام سنويًا ليكون نقطة التقاء العقول الرائدة في مجال التكنولوجيا، حضرت شخصية بارزة هي سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي (OpenAI). في هذا الحدث، قدم ألتمان رؤيته الجريئة لما يسميه “العصر الجديد للذكاء الاصطناعي”، حيث ركز على كيفية تحول هذه التكنولوجيا من أداة مساعدة إلى قوة محركة للتغيير العالمي. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل هذا العرض، ونناقش الرؤية التي رسمها ألتمان، مع النظر في تأثيرها على المستقبل.

من هو سام ألتمان ولماذا جيتكس؟

سام ألتمان، البالغ من العمر 38 عامًا، هو رائد في مجال الذكاء الاصطناعي، ويُعتبر أحد أبرز المسؤولين عن تطوير تقنيات مثل “تشانس جي بي تي” (ChatGPT) ونموذج “جي بي تي-4” (GPT-4). كرئيس تنفيذي لأوبن إيه آي، الشركة التي أسسها مع إيلون ماسك وآخرين في عام 2015، يركز ألتمان على بناء ذكاء اصطناعي آمن ومفيد للبشرية. حضوره في جيتكس، الذي يجمع بين الشركات التقنية العالمية والإقليمية، يعكس أهمية الشرق الأوسط كمنطقة ناشئة في تبني الذكاء الاصطناعي، خاصة مع استراتيجيات مثل “رؤية 2030” في المملكة العربية السعودية أو “برنامج دبي للذكاء الاصطناعي”.

في جيتكس، الذي يستمر لأسبوع كامل ويجذب آلاف الزوار من حول العالم، كان ألتمان ضيف شرف في جلسة حوارية حيث مناقشة كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية. هذا الحدث لم يكن مجرد عرض تقني، بل كان فرصة لألتمان ليوضح رؤيته لـ”العصر الجديد”، حيث يتجاوز الذكاء الاصطناعي حدود التطبيقات البسيطة ليصبح جزءًا أساسيًا من الاقتصاد العالمي، التعليم، والصحة.

رؤية العصر الجديد للذكاء الاصطناعي

في عرضه، وصف ألتمان العصر الجديد للذكاء الاصطناعي بأنه مرحلة تتسم بالذكاء الاصطناعي “العام” (General AI)، الذي يتفوق على الذكاء البشري في العديد من المهام، لكنه يجب أن يظل خاضعًا للرقابة الأخلاقية. قال ألتمان إن هذا العصر لن يقتصر على تحسين الكفاءة، بل سيعيد تشكيل المجتمعات بأكملها. على سبيل المثال، تحدث عن كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في حل التحديات العالمية مثل تغير المناخ، من خلال تحليل البيانات الضخمة لتوقع الكوارث الطبيعية، أو في مجال الرعاية الصحية، حيث يمكن للروبوتات أن تكتشف الأمراض قبل ظهور أعراضها.

أحد الجوانب الرئيسية في رؤية ألتمان هو التركيز على الابتكار المسؤول. اعترف بأن الذكاء الاصطناعي يحمل مخاطر، مثل فقدان الوظائف بسبب الآلات، أو مشكلات الخصوصية مع تسرب البيانات. لذا، دعا إلى بناء إطار تنظيمي عالمي، يضمن أن يكون الذكاء الاصطناعي “متناغمًا” مع القيم البشرية. في جيتكس، أكد ألتمان على دور الدول الإقليمية مثل الإمارات في هذا السياق، حيث يمكن لدبي أن تصبح مركزًا للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، مستفيدة من بنيتها التحتية المتقدمة واستثماراتها الهائلة في التكنولوجيا.

كما ركز ألتمان على الفرص الاقتصادية لهذا العصر. في رأيه، سيكون الذكاء الاصطناعي محركًا للنمو، حيث يمكن أن يزيد من إنتاجية العمال بنسبة تصل إلى 50% بحلول عام 2030، وفقًا لتقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). على سبيل المثال، في قطاع التعليم، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفر تعليمًا شخصيًا مخصصًا، مما يساعد في تقليل الفجوات التعليمية في الدول النامية.

التأثير على الشرق الأوسط والعالم

يأتي عرض ألتمان في جيتكس في وقت حاسم، حيث تبذل الدول الخليجية جهودًا كبيرة للانتقال إلى اقتصاد رقمي. على سبيل المثال، الإمارات العربية المتحدة تهدف إلى أن تصبح أول دولة في العالم تحقق “اقتصاد ذكاء اصطناعي” بحلول عام 2031. من خلال رؤيته، يمكن للمنطقة أن تستفيد من تقنيات أوبن إيه آي لتطوير حلول محلية، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد المائية أو تحسين الخدمات الحكومية.

مع ذلك، لم يغفل ألتمان التحديات. في جلسة النقاش، حذر من أن العصر الجديد قد يفاقم التفاوتات الاجتماعية إذا لم يتم توزيع فوائد الذكاء الاصطناعي بشكل عادل. لذا، دعا إلى تعاون بين الحكومات، الشركات، والمجتمع المدني لصياغة سياسات تحمي حقوق الإنسان في عصر الذكاء الاصطناعي.

خاتمة: نحو مستقبل مشرق

في النهاية، جلسة سام ألتمان في جيتكس لم تكن مجرد عرض تقني، بل كانت دعوة للعمل نحو عصر جديد يجمع بين الابتكار والمسؤولية. رؤيته للذكاء الاصطناعي كشريك للبشرية، وليس خصمًا، تمنح أملًا في حل التحديات العالمية. مع انتشار الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب الحياة، يجب علينا جميعًا أن نأخذ هذه الرؤية بعين الاعتبار، لضمان أن العصر الجديد يكون عصرًا للجميع. في الشرق الأوسط، يمكن أن يكون جيتكس بداية لثورة تقنية حقيقية، مدعومة برؤى مثل تلك التي قدمها ألتمان.