في قلب الدمار الذي طال أحياء غزة، وجد شاب فلسطيني يُدعى حيدر اليازجي طريقة غير متوقعة لاستعادة بعض ذكرياته المهددة بالفقدان. كان البحث عن أنقاض منزله مهمة شبه مستحيلة وسط الكتل المهدمة والركام المنتشر، لكنه اكتشف أن رمزاً بسيطاً من الحياة اليومية أصبح دليلاً مضيئاً. راية النادي الأهلي المصري، التي كانت جزءاً من حياته الشخصية، ظهرت كعلامة فارقة، تحولت من مجرد علم رياضي إلى رمز للأمل والصمود.
علم الأهلي رمز الأمل في غزة
في تلك اللحظات الصعبة، حيث يعاني سكان غزة من تداعيات الحرب، روى حيدر اليازجي قصته بنبرة تجمع بين الحزن والإصرار. كان الشاب، والذي ينتمي إلى منطقة غزة التي تُعرف بصمود أهلها، يجوب الشوارع المدمرة بحثاً عن بقايا منزله الذي دمر تماماً. لم يكن لديه خرائط أو أدلة واضحة، لكن عيناه التقطا شيئاً مألوفاً: علم نادي الأهلي الأحمر، المغروس بين الأحجار والركام. قال حيدر في مقطع فيديو رصده بنفسه وهو يرتدي تيشرت النادي، “كنت أدور على بيتنا بين كل هذا الدمار، ولم أعرف كيف أميزه، لكن الحمد لله، وجدته بفضل علم الأهلي اللي كان تحت الركام. هو اللي دلني عليه.”
هذه الحادثة لم تكن مجرد لقاء عرضي مع رمز رياضي، بل كانت لحظة تعبر عن عمق الارتباط العاطفي الذي يجمع بين حيدر ونادي الأهلي. منذ سنوات، كان حيدر من عشاق النادي، يتابع مبارياته ويحتفل بانتصاراته كجزء من روتين حياته اليومي. في ظل الظروف القاسية، أصبح هذا العشق دليلاً لاستعادة الهوية والذكريات. العلم، بشعاره المميز والألوان الحمراء التي ترمز إلى القوة، تحول إلى مفتاح يفتح أبواب الماضي وسط الخراب. يقول حيدر، مشيراً إلى الكومة من الركام، “هذا العلم مش بس قماش، هو جزء مني، وفي أحلك الظروف، هو اللي قابلني ودلني على مكان البيت اللي فيه ذكرياتي.”
راية القلعة الحمراء كمفتاح للذكريات
من خلال هذه القصة البسيطة، يتجاوز علم النادي الأهلي كونه رمزاً رياضياً ليصبح إشارة إلى القوة الروحية. في غزة، حيث يواجه السكان تحديات يومية ترسم صورة الكفاح، مثل هذه الحوادث تقدم دروساً عن الصمود. حيدر لم يكن يبحث فقط عن مكان جسدي، بل عن رابطة مع ماضيه السعيد، والتي وجدها في هذا الرمز. هذا الارتباط يذكرنا بكيف يمكن للأشياء اليومية أن تكون مصدر قوة في أوقات المحن.
مع مرور الوقت، يستمر حيدر في التعبير عن ولاءه للنادي، معتبراً أن هذا الحب لم يتزعزع رغم الدمار من حوله. هو يروي كيف كان يشاهد مباريات الأهلي في أيام السلم، وكيف أصبحت تلك الذكريات الآن جزءاً من مقاومته اليومية. في المجتمع الغزاوي، يُعتبر الرياضة عموماً، ونادي الأهلي خصوصاً، جسراً للتواصل والأمل، حيث يجد الناس فيها متنفساً للتعبير عن أحلامهم. هذا الارتباط المتين يجعل من علم النادي أكثر من مجرد قطعة قماشية؛ إنه قصة إنسانية تتجاوز الحدود، تجمع بين مصر وفلسطين في وجه التحديات المشتركة.
في النهاية، تحولت راية القلعة الحمراء إلى رمز شخصي للعودة إلى الحياة، مما يعكس كيف يمكن للأمل أن ينبثق من أبسط الأشياء. حيدر اليازجي ليس الوحيد الذي يجد في الرياضة مصدر إلهام، لكنه أصبح رمزاً حياً لكيفية تحويل الرموز إلى قصص نجاح وسط الكوارث. بهذا الروح، يستمر سكان غزة في بناء مستقبلهم، مستلهمين من كل رمز صغير يذكرهم بأن الحياة تستمر رغم كل شيء. هذه القصة ليست نهاية، بل بداية لروايات أخرى تتحدث عن الصمود والأمل في أرض التحديات.

تعليقات