الشيخ عطية المثنى يطلق كتابه الشعري “معراج المعصية”، رحلة ملهمة في عوالم العرفان والحب.
صدرت مجموعة شعرية جديدة للشاعر السوري المثنى الشيخ عطية، تجسد رؤية فنية عميقة تذوب بين التراث العرفاني والتأملات الحديثة. هذه المجموعة، بعنوان “معراج المعصية”، تُعد خطوة جديدة في مشواره الإبداعي، حيث تتأرجح قصائدها بين العمق الروحي والتحرر من كل القيود.
معراج المعصية: رحلة شعرية نحو التحرر
تستكشف قصائد “معراج المعصية” عوالم مترابطة، مستلهمة من رموز العرفان الإسلامي الكبار، مثل فريد الدين العطار في كتابه الأسطوري “منطق الطير”، الذي يرصد رحلة الطيور نحو الحقيقة. كما تتغلغل في فلسفة محيي الدين ابن عربي، مع التركيز على معارجه الروحية وتجاربه الكيميائية التي تحول المادي إلى روحي. الشاعر يدمج أيضًا تأثيرات جلال الدين الرومي من خلال “المثنوي”، حيث يبرز الدوران كرمز للانصهار في الحب، وشمس التبريزي الذي يقدم وجودياته كمفتاح لفهم الوحدة الكونية. هذا الاختلاط يمتد إلى العناصر الغربية، مثل شخصية زوربا في روايات نيكوس كازانتزاكيس، التي تمثل الحرية الجسدية، وموسيقى ميكيس ثيودوراكيس التي تضفي إيقاعًا عاطفيًا يعزز الدوران في فضاء فيزياء الكم. من خلال هذا الاندماج، يهدف الشاعر إلى رسم صورة للكون ككائن حي، حيث تتفاعل الجزيئات في حركة دائمة، سعيًا للانعتاق من الأوهام نحو قمة الحب النقي.
المجموعة تتوزع على ثلاثة مقامات رئيسية، كل منها يحتوي سبع قصائد مترابطة تمزج بين الحب والتأمل. يبدأ المقام الأول، “النور”، باستكشاف الإشراق الروحي، حيث تتفجر القصائد كنور ينير الدروب المعتمة. يلي ذلك المقام الثاني، “التحولات”، الذي يرصد التغيرات الداخلية للإنسان في مواجهة القيود، مستخدمًا رموز الطبيعة لوصف التحول من الوصمة إلى التحرر. أما المقام الثالث، “مقام المثنوي”، فيصل إلى ذروة الرؤية الفلسفية، حيث تتداخل القصائد مع مفاهيم الدوران والانصهار، مستوحاة من التراث الصوفي. يفتتح الشاعر الكتاب بقصيدة “الطيور”، التي ترتبط بأشعار امرئ القيس حول الأوابد والسرعة، مما يخلق توازنًا بين التراث العربي القديم والتأملات المعاصرة. هذه القصيدة، التي يعرض جزء منها على الغلاف، تجسد جوهر المجموعة ككل، كرحلة تتجاوز الزمان والمكان.
الصعود نحو الحرية الكونية
يُمثل “معراج المعصية” مزيجًا فريدًا بين التراث والحداثة، حيث يدعو الشاعر القارئ إلى الانغماس في عالم يجمع بين الفيزياء والعرفان. في هذا الفضاء، تتحرر القصائد من القيود التقليدية، محاولة الوصول إلى حالة من التوازن بين الجسد والروح. على سبيل المثال، تتناول قصائد “التحولات” كيف يمكن للإنسان أن يتجاوز أوهام الواقع من خلال الدوران، مستوحاة من أفكار الرومي حول التصوف. هذا النهج يعزز فكرة الكون ككيان مترابط، حيث تتفاعل الطاقات في حركة دائبة، مما يؤدي إلى تحقيق الذات. الشاعر، من خلال هذه القصائد، يرسم صورة عن الحب كقوة محررة، بعيدًا عن التقاليد الاجتماعية، ويدمج بين العناصر الشعرية ليخلق تجربة إبداعية شاملة. إن هذا الاستلهام من التراث يمنح المجموعة عمقًا تاريخيًا، بينما يضيف اللمسات الحديثة مثل فيزياء الكم رونقًا معاصرًا. في النهاية، تظل القصائد دعوة للقارئ للانطلاق في رحلة شخصية نحو التحرر، حيث يصبح الحب ليس هدفًا بل حالة وجودية. هذا الاندماج بين الرموز القديمة والأفكار الجديدة يجعل “معراج المعصية” عملاً يت promhssed بالتأثير على قراء من مختلف الخلفيات، مما يؤكد على أهمية الشعر كأداة للتنوير والتغيير.
تعليقات