في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة وتدمير المنازل، يشهد اليوم الثاني من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس محاولات جدية لإنهاء الصراع. وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب هذه الجلسات بأنها “إيجابية”، حيث يتناول الجانبان القضايا الرئيسية مثل وقف إطلاق النار وتهيئة الظروف لتبادل الأسرى والانسحاب الإسرائيلي. خلال الجلسة الأولى في شرم الشيخ، ركزت الأطراف الفنية على خارطة طريق المفاوضات، بما في ذلك آليات تسليم الأسرى، سواء الأحياء أو الأموات، مقابل إفراج عن أسرى فلسطينيين، بما فيهم كبار القيادات. ويُتوقع أن تمتد هذه الجولة لأسبوع كامل، مع التركيز على إدخال المساعدات الإنسانية وتسليم إدارة القطاع إلى لجنة فلسطينية مستقلة.
مفاوضات إنهاء الصراع في غزة
تتواصل المفاوضات مع استكمال مناقشة التفاصيل الدقيقة، حيث أكد مسؤولون مطلعون أن الجلسة الثانية ستركز على تعزيز إطار وقف إطلاق النار لبدء تبادل الأسرى. من جانبها، أعربت حماس عن استعدادها للاتفاق الشامل، بشرط توفير ضمانات أمريكية ودولية تمنع استئناف إسرائيل للعمليات العسكرية بعد تسليم المحتجزين. وفق التقارير، طالبت حركة المقاومة الوسطاء بوقف نشاطات الطيران الحربي والاستطلاعي لتسهيل الوصول إلى المواقع التي يُحتجز فيها الأسرى الإسرائيليون. في السياق نفسه، أبرز ترمب تفاؤله العميق، مشدداً على أن الخطة المقترحة تحظى بدعم واسع من دول عربية وإسلامية، معتبراً إياها خطوة تاريخية نحو السلام في الشرق الأوسط. وقال إن هناك تقدماً هائلاً، خاصة مع موافقة حماس على جوانب حاسمة، مما يجعل الاتفاق قابلاً للتحقيق في المستقبل القريب. ومع ذلك، تشير المصادر إلى أن المهلة المحددة لـ72 ساعة لإعادة جميع المحتجزين قد تواجه صعوبات، خاصة في حالة الجثامين التي قد تكون مدفونة تحت الأنقاض في مناطق غزة المدمرة جزئياً.
بالإضافة إلى ذلك، تتركز المفاوضات على تحديد هوية الأسرى الفلسطينيين المشمولين في الصفقة، مع التركيز على مرحلة أولى تشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق. إسرائيل ترفض بشكل صريح الإفراج عن مقاتلي وحدة النخبة الذين شاركوا في هجمات أكتوبر 2023، كما تطالب بحقها في مراجعة قوائم الأسماء، بما في ذلك ما يُعرف بـ”السبعة الكبار” من القيادات الفلسطينية. من ناحية أخرى، يؤكد الجانب الفلسطيني على ضرورة وقف كامل للقصف لضمان نجاح العملية، مع الاحتفاظ بحقوقهم في رسم حدود الانسحاب الأولي. هذه النقاط تشكل جوهر الجدل، حيث أن الخلافات الرئيسية تتعلق بمطالب حماس بوقف الطيران والقصف، مقابل التمسك الإسرائيلي بالحد الأدنى من الانسحاب. وعلى الرغم من الصعوبات، فإن التقدم المحرز يفتح الباب لاحتمال اتفاق يعيد الهدوء إلى المنطقة، مع التركيز على إدخال المساعدات وإعادة إعمار غزة كخطوة أولى نحو حل شامل.
اتفاقيات التبادل والانسحاب
في التفاصيل الأكثر دقة، تتضمن المفاوضات آليات محددة لتبادل الأسرى، حيث يتطلب الأمر من حماس تقديم قوائم مفصلة بالأسماء، مقابل تعهد إسرائيلي بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين محكومين بالمؤبد. وفق المصادر، سيتم في البداية التركيز على إطلاق المحتجزين الإسرائيليين خلال أيام قليلة، مع مناقشة خرائط الانسحاب التي تشمل الالتزام بالحدود المقترحة في خطة ترمب. ومع ذلك، يظل هناك تحفظ فلسطيني حول مسار الانسحاب، خاصة ما يتعلق بالخط الأصفر، الذي يمثل خطاً أساسياً للانسحاب الأولي. كما أن مطالب حماس بوقف شامل للنشاطات العسكرية تعزز من تعقيد المفاوضات، مما يجعلها تحدياً كبيراً للوسطاء. في النهاية، يبدو أن هذه الجلسات تمثل فرصة حقيقية للتقدم نحو سلام مستدام، رغم الاختلافات، مع أمل في تجاوز الخلافات لصالح الشعبين.
تعليقات