تبدو “مدن الموتى” في مصر كهياكل مذهلة، حيث تتراص القبور بعضها بجوار بعض في مشهد يجمع بين الحياة والموت بطريقة فريدة. هذه المدن، المنتشرة بين محافظتي الجيزة والمنوفية، تعكس تراثًا ثقافيًا عميقًا يجعلها جزءًا لا يتجزأ من المجتمع المصري.
مدن الموتى في مصر
في سلسلة من الصور الجوية التقطها مصور الدرون المصري أسامة شريف، تبرز تفاصيل “مدن الموتى” كما لم تُرَ من قبل. يقول شريف إن الموت يشكل جزءًا أساسيًا من الثقافة المصرية، حيث يجب أن يتلقى نفس الاهتمام الذي تتلقاه العادات اليومية. في مصر، على عكس معظم الدول العربية والإسلامية التي تعتمد على حفر متواضعة تحت الأرض، تُبنى هذه المقابر كمساكن صغيرة فوق سطح الأرض، مما يسمح لعائلات كاملة بالدفن عبر الأجيال. هذا النهج يجعل “مدن الموتى” تتجاور مع الأحياء السكنية، خاصة في المناطق الفقيرة، حيث يعيش الناس بجوارها أو حتى داخلها، مخلقًا تباينًا صارخًا بين عالمي الحياة والموت.
مقابر مصر التراثية
من خلال توثيق شريف لقرية “جريس” في محافظة المنوفية، يظهر التصوير من الأعلى اتساع هذه المدن وترتيب مبانيها كأحياء سكنية مكتظة. هذا المنظور يقدم رؤية جديدة، حيث يكشف عن تنوع أشكال المدافن وأنماطها الهندسية، بما في ذلك الألوان المختلفة التي تضيف لمسات شخصية من العائلات. يربط شريف هذا التقاليد بالإرث المصري القديم، مشيرًا إلى أن بناء الأهرامات في عصر الفراعنة يعكس الاهتمام نفسه بالموت، حيث يحرص المصريون اليوم على منح مقابرهم جمالية فريدة، مما يميزها عن طرق الدفن في بقية المنطقة العربية. كما أكد على أهمية مراعاة حرمة الأموات أثناء التصوير، ليصبح العمل تحفيزًا لفهم هذه الثقافة دون المساس بقدسيتها.
شارك شريف هذه الصور عبر حسابه على إنستغرام، محفزًا نقاشات حول أسباب هذا النمط الفريد. بعض المتابعين ربطوه بتاريخ مصر القديم، معتبرين أن فيضانات النيل وارتفاع منسوب المياه الجوفية قد لعب دورًا في تطوير مقابر مرتفعة لحماية الجثامين. هذه الردود الأفعال تبرز كيف أن “مدن الموتى” ليست مجرد أماكن للدفن، بل تعبر عن هوية ثقافية متأصلة، تجمع بين التقاليد القديمة والواقع المعاصر، مما يدعو إلى استكشاف أعمق لهذا الجانب من الحياة المصرية. في النهاية، يظل هذا المشهد دليلاً حيًا على كيفية دمج المصريين بين الدنيوي والأبدي، مما يجعل هذه المدن رمزًا للتراث الدائم.
تعليقات