أثار فيديو الـ”Unboxing” لمنتجات فاخرة من دار هيرميس، الذي نشرته رائدة الأعمال الأمريكية بيكا بلوم على منصة تيك توك، موجة من الجدل بين متابعيها الذين يتجاوز عددهم 4.7 مليون شخص. في الفيديو، الذي حصل على أكثر من 14 مليون مشاهدة، تظهر بلوم محاطة بمنتجات ثمينة، مثل حقيبة يقدر سعرها بـ30 ألف دولار، ما أثار انتقادات حادة لكونه استعراضاً فجاً للثراء في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الملايين حول العالم. هذا الحدث لم يقتصر على التعليقات الساخرة التي وصفتها بـ”ماري أنطوانيت العصر الرقمي”، إذ قال أحد المتابعين إن إنفاق هذا المبلغ على حقيبة صغيرة يبدو “شيطانياً” وعديم الإحساس تجاه الواقع الاقتصادي الصعب.
تيك توك واستعراض الثراء
مع انتشار الفيديو، تحولت التعليقات إلى حملة واسعة ضد ما يُعرف بـ”الفخر بالثراء”، حيث اتهم الكثيرون بلوم بالتسبب في تشويه صورة المنصة ككل. دخل مؤثرون آخرون، مثل @1ilyp00h وHana Horvath، على الخط ليعبروا عن قلقهم من تزايد ظاهرة “RichTok”، التي تشجع على التباهي بالمال بطريقة مفرطة. هؤلاء المؤثرون حذروا من أن هذا النوع من المحتوى قد يؤثر سلباً على وعي الشباب، محولاً طموحاتهم إلى أحلام غير واقعية حول الثراء السريع والنجاح المادي، مما يعزز من الفجوة بين الواقع والوهم.
في السياق نفسه، أكد تقرير حديث من شركة IZEA Worldwide Inc أن ثلثي مستخدمي المنصات الاجتماعية مستعدون للترويج لمنتجات مقابل تعويض مالي، بينما يعمل نحو نصف المؤثرين بدوام كامل مع علامات تجارية، ويتجاوز عدد من يعتمدون على هذا المهنة بنسبة 60%. هذه الإحصائيات تكشف عن تحول جذري في سوق العمل، حيث أصبحت صناعة التأثير مصدراً رئيسياً للدخل، لكنها أيضاً تثير تساؤلات حول مدى مسؤولية هؤلاء المؤثرين تجاه جمهورهم الشاب.
تأثير الثراء الرقمي
أما عن تأثير هذه الظاهرة، فقد أشار الرئيس التنفيذي للشركة، تيد مورفي، إلى أن نصف المستهلكين الشباب يفكرون جدياً في ترك وظائفهم التقليدية للانتقال إلى عالم التأثير، مدفوعين ببريق الشهرة والأرباح السريعة التي يعرضها هذا المجال. هذا الاتجاه يعكس تغييراً شاملاً في مفاهيم النجاح، حيث يصبح الثراء الرقمي رمزاً للإنجاز، لكنه قد يؤدي إلى إهمال القيم الأساسية مثل العمل الجاد والتوازن الاقتصادي. في الواقع، أعادت هذه الحادثة التركيز على دور المؤثرين في تشكيل وعي الأجيال الجديدة، خاصة في مجال المال والقيم الاجتماعية، حيث يطالب الكثيرون بضوابط أكبر على الرسائل التي يبثونها لتجنب تعزيز صورة غير واقعية عن الحياة. هذا الجدل يؤكد أن منصات مثل تيك توك لم تعد مجرد أدوات ترفيهية، بل أصبحت ساحات تشكل سلوكيات الملايين، مما يفرض ضرورة النظر في كيفية توجيه هذا التأثير نحو ما يعزز الوعي الإيجابي بدلاً من الإغراء بالمادية المفرطة. بالتالي، يبرز السؤال عن مدى فعالية الخطوات التي يمكن اتخاذها لضمان أن يصبح محتوى الثراء أداة للتعلم وليس الإغراء، خاصة مع انتشار هذه المنصات بين الشباب الذين يشكلون مستقبل المجتمعات.
تعليقات