الكاتب البريدي يستعرض تفاصيل الحراك الفلسفي السعودي في كتاب “الرياض”، مفتوحاً أبواباً لمناقشات فكرية عميقة.
في ندوة حوارية مثيرة ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2025، استعرض الدكتور عبدالله البريدي جوانب مهمة من تطور الفكر الفلسفي في المملكة العربية السعودية، مع التركيز على مراحل نموه ودوره في تشكيل الوعي المعرفي. الندوة، التي أدارتها حزوا العجمي، جمع العديد من المهتمين بالفلسفة والمعرفة، لاستكشاف كيفية تأثير هذا الحراك على المجتمع والثقافة.
الحراك الفلسفي السعودي: مسارات التطور والأهمية
أكد الدكتور البريدي أن تعريف الفلسفة يظل من أكثر المواضيع تعقيداً بسبب تنوع اتجاهاتها، لكنه شدد على أن قيمتها الجوهرية تكمن في دورها كمنبع أساسي للمعرفة. الفلسفة، وفقاً لما قاله، تحفز الأفراد والمؤسسات على تبني التفكير النقدي وتوسيع آفاقهم الفكرية. في السياق السعودي، رسم البريدي خريطة لخمس مراحل رئيسية مر بها الحراك الفلسفي. بدأت المرحلة الأولى مع المناشط المنبرية في الأندية الأدبية، التي مهدت لظهور العقل المتفلسف. تلتها مرحلة الكيانات الفلسفية، التي ساهمت في انتشار الوعي الفلسفي بين الجمهور. أما المرحلة الثالثة، فقد ركزت على التكوينات التعليمية، حيث تم دمج مبادئ الفلسفة في البرامج التعليمية. ثم جاءت مرحلة الكيانات التأثيرية، التي عززت دور الفلسفة في التغيير الاجتماعي، وأخيراً، مرحلة تأسيس البصمة الفلسفية السعودية، التي تهدف إلى بناء هوية فلسفية محلية مترابطة مع التراث الثقافي. كما أعرب عن تحفظه حول استخدام مصطلح “الفلاسفة السعوديين” دون فهم دقيق، مشيراً إلى أن العديد من الكتاب والمفكرين يقتربون من الفلسفة عبر أعمالهم الأدبية، لكن الإنتاج الفلسفي المحلي لا يزال في طور النمو ويحتاج إلى جهود بحثية أكبر لترسيخه.
تطور الفكر الفلسفي وعلاقته بالثقافة
استمر البريدي في حديثه بالتأكيد على أن المعرفة الفلسفية تهدف إلى بلوغ الحقائق المتعالية، مع تطور الحراك الفلسفي عبر مسارين مترابطين: أحدهما كوني يتصل بالفكر الإنساني العام، والآخر محلي يعكس الخصوصية الثقافية للمجتمع السعودي. هذا التداخل يسمح بإثراء المناقشات الفلسفية محلياً بينما يربطها بالتيارات العالمية. كما أبرز العلاقة الجدلية بين الفلسفة والدين، موضحاً أنهما يمثلان طريقين متباينين نحو الحقيقة نفسها، مما يدعو إلى حوار مستمر بينهما. في هذا الصدد، يواصل معرض الرياض الدولي للكتاب 2025 عرضه لبرنامج غني من الندوات والحوارات الثقافية، الذي يستمر حتى 11 أكتوبر الجاري في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن. هذه الفعاليات تجمع بين مفكرين ومبدعين من مختلف أنحاء العالم، لتعزيز التبادل الفكري ودعم الحراك الثقافي. في الختام، يبرز هذا الحراك كقوة دافعة للتفكير النقدي، مما يعكس التطور السريع للمشهد الفلسفي في المملكة، ويشجع على استمرار الجهود لبناء جيل جديد من المفكرين القادرين على توجيه المستقبل بنظرة فلسفية شاملة.
تعليقات