بدأ صندوق الاستثمارات العامة في السعودية سلسلة لقاءات مع مستثمرين متخصصين في أدوات الدخل الثابت، كخطوة أولى نحو إصدار سندات خضراء مقومة باليورو. هذه الاجتماعات تأتي لتعزيز خطط التمويل المستدام للصندوق، مع التركيز على التنويع في أسواق الدين العالمية، حيث يتم التخطيط لإصدار سندات ذات أولوية تتوزع على شريحتين: الأولى تستحق خلال ثلاث سنوات، والثانية بعد سبع سنوات، بناءً على ظروف السوق المقبلة. يهدف هذا الإصدار إلى دعم المشاريع البيئية، مثل الطاقة المتجددة والنقل الصديق للبيئة، مما يعزز من دور السعودية في الاقتصاد الأخضر العالمي.
صندوق الاستثمارات العامة يوسع تمويله الدولي
مع تزايد الإقبال على الاستثمارات المستدامة، يعمل صندوق الاستثمارات العامة على تعزيز وجوده في الأسواق الدولية من خلال إصدارات سندات خضراء تتوافق مع معايير التمويل الأخضر الدولية. في الآونة الأخيرة، شهد الصندوق نجاحًا كبيرًا في إصداره الثاني للسندات الخضراء في فبراير 2023، والذي بلغت قيمته 5.5 مليار دولار، مقسمة على ثلاث شرائح بآجال تتراوح بين سبع سنوات وثلاثين عامًا، حيث تجاوزت طلبات الاكتتاب 33 مليار دولار. هذا الإصدار يعكس الثقة الدولية في برامج الصندوق، خاصة أنه كان الجهة السيادية الأولى عالميًا في إصدار سندات خضراء، بما في ذلك شريحة مدتها مئة عام في الإصدار الأول من أكتوبر 2022.
تشمل العائدات من هذه الإصدارات تمويل مشاريع حيوية مثل تحسين كفاءة الطاقة وتطوير المباني المستدامة، بالإضافة إلى وسائل النقل البيئية، وذلك وفقًا لمعايير الرابطة الدولية لسوق رأس المال. يدعم هذا النهج جهود السعودية في التحول الاقتصادي نحو الاستدامة، حيث يشارك بنوك عالمية مثل “كريدي أجريكول” و”جيه بي مورغان” و”سوسيتيه جنرال” في تنسيق العملية، بينما تتولى مؤسسات أخرى مثل “باركليز” و”بي إن بي باريبا” إدارة دفاتر الطرح.
في السياق نفسه، يستمر الصندوق في تنويع مصادره المالية، كما حدث في الإصدارات الأخيرة، حيث طرح في الشهر الماضي سندات بقيمة ملياري دولار لعشر سنوات، مع طلبات تجاوزت 5.5 مليار دولار، مما سمح بتحديد سعر الصفقة عند 95 نقطة أساس فوق عائد سندات الخزانة الأمريكية. كذلك، جمع الصندوق 4 مليارات دولار في يناير الماضي من خلال إصدار جديد، إلى جانب قرض إسلامي بقيمة 7 مليارات دولار مع 20 بنكًا. هذه الجهود جعلت السعودية واحدة من أكثر الدول نشاطًا في سوق الدين للأسواق الناشئة، حيث وصلت قيمة الإصدارات السيادية منذ بداية العام إلى حوالي 20 مليار دولار، مقاربة أعلى المستويات المسجلة في 2017.
الصندوق السيادي والفرص الأخضرة العالمية
يبرز دور الصندوق السيادي في تعزيز الفرص الاستثمارية الأخضرة، خاصة مع زيادة النشاط في إصدارات الدين للأسواق الناشئة، التي تشهد أعلى وتيرة منذ عشر سنوات. على سبيل المثال، في فبراير الماضي، أصدرت المملكة أول سندات خضراء مقومة باليورو بقيمة 1.5 مليار يورو، ضمن إصدار تجاوزت طلباته 10 مليارات يورو، مما يدعم خطط التحول الاقتصادي. هذه الخطوات ليست مجرد تمويل، بل تشكل جزءًا من استراتيجية شاملة لجذب المزيد من الاستثمارات العالمية نحو المشاريع المستدامة، مما يعزز من سمعة السعودية كقائد في الاقتصاد الأخضر.
في الختام، يعكس هذا النهج الدؤوب لصندوق الاستثمارات العامة التزامًا ببناء اقتصاد متوازن ومستدام، حيث يسهم في تحقيق أهداف التنمية البيئية على مستوى عالمي. من خلال استمرار مثل هذه الإصدارات، يفتح الصندوق أبوابًا لمزيد من الشراكات الدولية، مما يدفع بالسعودية نحو مستقبل أكثر أمانًا بيئيًا واقتصاديًا. هذه الجهود تضمن أن يظل الصندوق في طليعة الابتكار المالي، مع التركيز على الاستدامة كمحرك رئيسي للنمو.

تعليقات