ياسمين الشيباني الكاتبة الليبية تسلط الضوء على قصة هانيبال القذافي في مقالها الجديد.

الكاتبة الليبية ياسمين الشيباني تناشد في مقالها بمراجعة موقف لبنان تجاه هانيبال القذافي، الابن السابع للقائد الراحل معمر القذافي، الذي يواجه ظروفًا قاسية في سجنه اللبناني. تحدد الشيباني أن هانيبال لا يتحمل أي ذنب يبرر الإهمال الذي يلاقيه، خاصة بعد أن وقف والده إلى جانب لبنان خلال أزماته السابقة. في زمن الحرب الأهلية اللبنانية، كانت ليبيا بمثابة ملاذ آمن ومصدر دعم مالي وسياسي، مما ساعد الكثيرين من اللبنانيين على الصمود. ومع ذلك، يبدو أن بعض اللبنانيين قد نسوا هذه الجوانب، مما يعكس نقصًا في الشعور بالامتنان والعدالة.

هانيبال القذافي ومحنته الإنسانية

في السنوات الأخيرة، يعاني هانيبال القذافي من ظروف صحية متدهورة، حيث نقل مؤخرًا إلى المستشفى بسبب التهابات خطيرة في الرئتين والكبد، كما أكد محاميه الفرنسي لوران بايون خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان. هذه الحالة تمثل قمة سلسلة من الإهمال والقهر الذي يعانيه منذ سنوات، حيث تحولت قصته إلى رمز للظلم الذي يطال الأبرياء في ظل الصراعات السياسية. الشيباني تذكر أن هناك بعض الضمائر القليلة التي بدأت بالتحرك للمطالبة بحقه، لكن هذه الجهود تبقى غير كافية أمام التعقيدات السياسية في لبنان. الرئيس اللبناني الجديد يُنظر إليه كأمل لإعادة النظر في هذه القضية، لعل وعسى يساهم في إحقاق العدالة وإنهاء هذه المأساة التي طال أمدها.

الدعم الليبي المفقود في الذاكرة

بالعودة إلى الجذور التاريخية، كان دور ليبيا في دعم لبنان أكثر من مجرد مساعدات اقتصادية؛ فقد كانت موقفًا أخلاقيًا يعكس التضامن بين الشعوب. الشيباني تسأل: كيف يمكن للبنان أن ينسى الدعم الذي قدمه القذافي في أوقات الأزمات، ويترك ابنه يعاني في زنزانة لا ترحم؟ هذا التناقض يبرز كيف أن الصراعات السياسية والميليشيات تسيطر على القرارات، مما يجعل العدالة ضعيفة والهيبة الوطنية مهددة. من حق هانيبال، بعد كل ما مر به، أن يرفض أي تدخل من سلطات فقدت مصداقيتها، حيث أصبحت رهينة للمصالح الشخصية بدلاً من الالتزام بالقيم الأساسية مثل الكرامة والحقوق الإنسانية.

في ظل هذا الواقع، يظل هانيبال أسيرًا لنظام يفتقر إلى الرحمة، ينتظر عدلاً يبدو بعيد المنال. القضية تتجاوز فردًا واحداً، فهي تسلط الضوء على كيفية تعامل الدول مع الماضي وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على مستقبل العلاقات بين ليبيا ولبنان. الشيباني تؤكد أن الوقت قد حان لإعادة النظر في هذه المأساة، ليس فقط من خلال تحسين الظروف الصحية لهانيبال، بل من خلال استعادة الثقة في نظام يضمن حقوق الجميع دون تمييز. إن إنصاف هانيبال ليس مجرد مطلب إنساني، بل هو خطوة نحو بناء جسر من الفهم والتسامح بين الشعوب، خاصة في منطقة مليئة بالتوترات. لذا، يجب على الجميع، سواء في لبنان أو ليبيا، أن يتذكروا أن العدالة ليست كمالية، بل ضرورة لحماية الكرامة الإنسانية في عالم يغلب فيه الصراع على القيم. هذا الدعم المفقود في الذاكرة يذكرنا بأهمية الحفاظ على الارتباطات التاريخية، لتكون دليلاً للأجيال القادمة على قيم التضامن والعدالة.