شريك زايد الخير في بناء صرح الاتحاد
مقدمة
في تاريخ الإمارات العربية المتحدة، يبرز اسم واحد كرمز للعطاء والرؤية الإيجابية، وهو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي يُلقب بـ”زايد الخير” لجهوده الخيّرة في بناء أقوى الدول العربية. كان الشيخ زايد، الرجل الأول في تأسيس الاتحاد، شريكاً أساسياً في تشييد صرح هذا الوطن الذي أصبح نموذجاً للتقدم والوئام. لقد لعب دوراً حاسماً في توحيد إمارات الخليج إلى كيان واحد متماسك، وذلك من خلال رؤيته البعيدة النظر ورغبته الدائمة في تعزيز الخير لشعبه. في هذا المقال، نستعرض كيف كان الشيخ زايد الخير شريكاً أساسياً في بناء صرح الاتحاد الإماراتي.
الشيخ زايد: رجل الرؤية والتوحيد
ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في عام 1918 في أبوظبي، وترعرع في بيئة تجمع بين التاريخ العريق والتحديات الاقتصادية. منذ شبابه، أظهر اهتماماً بالشؤون العامة، وتولى منصب حاكم أبوظبي في عام 1966، ليصبح فيما بعد أول رئيس للإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971، عندما تم توحيد سبع إمارات في اتحاد واحد. كان هذا التوحيد نتيجة لجهود مكثفة من الشيخ زايد، الذي رأى فيه الوسيلة الأمثل لتحقيق الاستقلال والتقدم.
لم يكن الشيخ زايد مجرد زعيم سياسي؛ بل كان مبدعاً لفكرة الاتحاد كصرح يعبر عن التعاون والتكامل بين الإمارات. واجه تحديات كبيرة، مثل التباين الاقتصادي بين الإمارات، لكنه استطاع التغلب عليها من خلال مبادراته الدبلوماسية والاجتماعية. على سبيل المثال، قاد المفاوضات التي أدت إلى تشكيل الاتحاد، مستلهماً قيم الإسلام والعروبة، ومؤكداً على أن الوحدة هي مفتاح الازدهار.
بناء الاقتصاد والتطوير الشامل
أدرك الشيخ زايد مبكراً أن بناء صرح الاتحاد يتطلب أكثر من مجرد توحيد إداري؛ لذا ركز على تطوير الاقتصاد كأساس للاستدامة. في فترة حكمه، تحولت الإمارات من دولة تعتمد على الثروات الطبيعية إلى اقتصاد مبني على التنويع والابتكار. بدأ مشروعات ضخمة مثل إنشاء مدينة أبوظبي الحديثة، وبناء ميناء الجبل الألي ومطار أبوظبي الدولي، مما جعل الاتحاد مركزاً تجارياً عالمياً.
كما كان الشيخ زايد رائداً في مجال الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية. أسس مدارس وجامعات حديثة، ودعم برامج التعليم المجاني، مؤمناً بأن التنمية البشرية هي عماد الأمة. بالإضافة إلى ذلك، أطلق مبادرات خيرية واسعة النطاق، مثل مشاريع الزراعة في الصحراء وبرامج مكافحة الفقر، مما جعل الاتحاد نموذجاً للتوزيع العادل للثروة. يُذكر هنا دور “صندوق الشيخ زايد للتنمية” الذي ساهم في دعم مشاريع التنمية في الإمارات وخارجها، معلناً عن إيمانه بأن “الخير يعود إلى من يبذله”.
الشيخ زايد والدبلوماسية الخيرية
لم يقتصر دور الشيخ زايد على الحدود الإماراتية؛ بل امتد إلى العالم من خلال دبلوماسية الخير. كان سفيراً للسلام والتعاون الدولي، مساهمًا في حل النزاعات الإقليمية ودعم الدول النامية. على سبيل المثال، قدم مساعدات إنسانية للعديد من الدول الإفريقية والآسيوية، مما جعل الإمارات رمزاً للعطاء العربي. هذه الجهود لم تكن مجرد مساعدات مالية، بل كانت جزءاً من رؤيته لتشييد صرح اتحادي يمتد إلى المناطق الأوسع.
في السياق الدولي، مثل حضور الإمارات في منظمة الأمم المتحدة، ودعم الشيخ زايد لقضايا السلام العالمي، يُرى كيف كان شريكاً في بناء جسر بين الشرق والغرب. إن الرؤية الخيرية التي حملها الشيخ زايد جعلت الاتحاد لاعباً مؤثراً في الساحة العالمية.
التراث الدائم والأثر المستدام
بعد وفاة الشيخ زايد في عام 2004، يستمر تراثه كأساس لبناء الاتحاد. اليوم، تُذكر إنجازاته في كل مكان، من خلال مشاريع مثل مسجد الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، الذي يمثل رمزاً للتآخي بين الشعوب. لقد ترك الشيخ زايد نهجاً يؤكد على أهمية التوازن بين التنمية الاقتصادية والقيم الإنسانية، مما جعل الاتحاد يحقق نمواً سريعاً دون التخلي عن هويته.
في الختام، يبقى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان شريكاً أصيلاً في بناء صرح الاتحاد، فهو لم يبنِ مجرد دولة، بل أسس مجتمعاً يعتمد على الخير والتضامن. إن دراسة سيرته تذكرنا بأن القيادة الحقيقية تبدأ بالعطاء، وأن بناء الأوطان يتطلب رؤية واضحة وروح خيرية. الشيخ زايد لن يكون مجرد اسماً في التاريخ، بل إرثاً يستمر في توجيه الإمارات نحو مستقبل أفضل.
تعليقات