انتصار منطق الدولة يصنع الفارق!

في قلب التوترات الإقليمية والدولية المتصاعدة حول الصراع في غزة، يبرز الموقف السعودي كرمز للعقلانية والحكمة، حيث يعيد التأكيد على أهمية السياسة المبنية على المصلحة الوطنية العليا، بعيداً عن الانفعالات والتوترات العاطفية.

السعودية ومنطق الدولة في مواجهة الحرب على غزة

يعكس البيان المشترك لوزراء خارجية دول الاعتدال، بما في ذلك السعودية، تحولاً واضحاً نحو رؤية عملية، حيث رحبوا باستعداد حركة حماس للانخراط في تسويات سياسية، مع تأكيد أولوية وقف إطلاق النار وإنقاذ الأرواح. هذا النهج السعودي يتجاوز الشعارات الرنانة ليضع مصلحة الشعب الفلسطيني في المقام الأول، مستنداً إلى توازن بين الثوابت الوطنية والواقعية السياسية، ويعزز مفهوم المسؤولية الدولية كأساس للسيادة.

الرؤية السعودية لتحقيق السلام العادل

لقد أكدت السعودية من خلال هذا الموقف قدرتها على رسم استراتيجية عقلانية، ترى في استمرار الحرب مصدراً إضافياً للمعاناة، بدلاً من حلول دائمة. بالفعل، فإن القضية الفلسطينية، كما تقرها الرياض، ليست مجرد صراع مسلح، بل حقوق مشروعة لشعب يسعى للحياة والكرامة. هذا التوجه يعيد تأكيد تقليد السعودية في تفضيل منطق الدولة على أنماط التنظيمات غير الرسمية، محافظة على موقفها الرافض للاصطفافات التحريضية، وداعية إلى حل شامل يعتمد على القانون الدولي.

في هذا السياق، تقود السعودية جهوداً لتشكيل تحالف دولي جديد، يجمع بين دول الاعتدال العربية والإسلامية، وشركاء أوروبيين، لتنفيذ مبدأ الدولتين كسبيل وحيد لإنهاء دائرة العنف وضمان الأمن الإقليمي. خلال خطاب وزير الخارجية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دُعي إلى الانتقال من الإدانات اللفظية إلى أفعال متعددة الأطراف، مما يعكس رؤية شاملة ترى في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، مفتاحاً لاستقرار الشرق الأوسط. هذا التحالف ليس ديبلوماسية عابرة، بل مشروع لاستعادة الثقة في النظام الدولي، الذي أظهر ضعفه في حماية المدنيين، مع التركيز على مقاربة جماعية تضمن وقف العدوان وفتح الممرات الإنسانية، ثم إطلاق مفاوضات جادة.

يؤكد هذا النهج أن الأمن الإقليمي يبدأ بالأمن الإنساني، مع إعادة تعريف السلام كعلاقة مبنية على العدالة لا القوة. لذا، يوجه خطاب السعودية إلى المجتمع الدولي، محذراً من أن أي اتفاق هش يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير سيكون عرضة للانهيار. في الوقت الحالي، يعكس تفاؤل حذر في العواصم الدولية من المفاوضات الجارية، رغم التحديات داخل حركة حماس، حيث ينقسم الجناح الواقعي عن المتشدد، بينما ترفض إسرائيل قيام دولة فلسطينية رغم الضغوط الأمريكية. مع ذلك، تبرز الصين كقوة بديلة في الفضاء الدولي، إلا أن السعودية تظل الشريك الرئيسي الذي يجمع بين القيم الأخلاقية والسياسية، محولة الكارثة إلى فرصة للسلام الواقعي.

أخيراً، في زمن يسيطر فيه صوت الميليشيات، تمثل السعودية بوصلة العقلانية، مركز الثقل لإعادة التوازن بين العدالة والسيادة، مؤكدة أن القيادة الحكيمة قادرة على رفع السياسة إلى مستوى التسامي الإنساني.