قال الدكتور محمد الأحمد، المحلل السياسي السعودي وأستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود في الرياض، إن العلاقات بين مصر والسعودية تعتمد على أسس متينة من الاحترام المتبادل والدعم المشترك. فقد أظهرت المملكة العربية السعودية، في العديد من المواقف الحاسمة، التزامها الدائم بدعم مصر كشريكة عربية أساسية. على سبيل المثال، عندما خرج الشعب المصري في ثورة شعبية واسعة لرفض حكم جماعة الإخوان، كانت السعودية الداعم الأكبر لهذا التعبير عن الرأي الحر، حيث ساندت المبادرات الشعبية التي رددت شعارات مثل “يسقط حكم المرشد”. منذ تلك اللحظة، بدأت العلاقات الثنائية في التطور السريع على المستوى الرسمي والشعبي، مما أدى إلى تقدم ملحوظ في مجالات متعددة مثل الاقتصاد، السياسة، والأمن.
العلاقات المصرية السعودية: أسس الدعم المتبادل
في هذا السياق، برزت مواقف تاريخية تعزز من الروابط بين البلدين. على سبيل المثال، كان للأمير سعود الفيصل دور بارز عندما هددت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، بوقف المساعدات الأمريكية لمصر. فكان رد الأمير سعود الفيصل قاطعًا ومحددًا، مفادوه أن مصر لن تحتاج إلى هذه المساعدات، مما أكد على الاعتماد المتبادل بين الدول العربية. ومن جانبها، قدمت مصر دعمًا قويًا للسعودية في أزمات دولية، مثل موقفها في جامعة الدول العربية عام 1990، حيث ساهمت في حشد الدول العربية لاتخاذ قرار موحد ضد الاحتلال العراقي للكويت. لولا جهود مصر اللوجستية والعسكرية، لما نجح التحالف العربي الدولي في تحرير الكويت وإنهاء الغزو الذي قاده صدام حسين.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت السعودية مرات عديدة دعمها الكامل للأمن المائي المصري، معتبرة إياه جزءًا لا يتجزأ من الأمن العربي ككل. هذا الدعم شمل الدعوة لإثيوبيا للالتزام بالقوانين الدولية، بما في ذلك اتفاقية إعلان المبادئ الموقعة في عام 2015، لتجنب أي إجراءات أحادية الجانب تتعلق بملء وتشغيل سد النهضة. هذا النهج يعكس التزام السعودية بحماية المصالح المشتركة للدول العربية في مواجهة التحديات الإقليمية. من ناحية أخرى، لم تنسَ مصر تقديم دعمها التاريخي للسعودية، كما في موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن أن أمن الخليج العربي هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر. هذه المواقف المتبادلة تبرز كيف أصبحت العلاقات بين البلدين نموذجًا للتعاون العربي، حيث يتعزز الاستقرار الإقليمي من خلال تبادل الدعم في الأزمات السياسية، الاقتصادية، والأمنية.
التعاون الإستراتيجي بين مصر والسعودية
يستمر هذا التعاون في التطور ليشمل مجالات أخرى، مثل الاستثمارات المشتركة والشراكات الاقتصادية التي تعزز نمو البلدين. ففي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات تنسيقًا أكبر في مكافحة الإرهاب وتعزيز السلام في المنطقة، مما يعكس رؤية مشتركة لمستقبل عربي أكثر أمانًا. على سبيل المثال، تشمل الجهود الحالية تعزيز التبادل التجاري والاستثماري، حيث أصبحت السعودية أحد أكبر المستثمرين في مشاريع مصرية في قطاعات مثل الطاقة والسياحة. هذا التعاون ليس مقتصرًا على الحكومات، بل يمتد إلى المستوى الشعبي من خلال التبادل الثقافي والتعليمي، مما يقوي الروابط الاجتماعية بين الشعبين. في الختام، تظل العلاقات المصرية السعودية علامة فارقة في تاريخ التعاون العربي، حيث تتجاوز التحديات الإقليمية لتعزيز الأمن والاستقرار المشترك، مما يؤكد على أهمية الوحدة العربية في مواجهة التحديات المستقبلية.
تعليقات