أطلق الاتحاد العام التونسي للشغل تحذيراً عاجلاً حول تردي الوضع المتعلق بالصحة والسلامة المهنية في البلاد، بعد وقوع حادث كارثي أودى بحياة عاملين وأسفر عن إصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. الحادث حدث خلال أعمال التشييد لقنطرة على الطريق السيارة الممتدة من تونس إلى جلمة، وتحديداً في منطقة وادي مليان جنوب مدينة المحمدية بولاية بن عروس. هذا الواقع يعكس التهديدات اليومية التي يواجهها العمال في مواقع العمل، حيث أكد بيان صادر عن قسم الحماية الاجتماعية والقطاع غير المنظم في الاتحاد أن العمال يعيشون تحت ظروف غير آمنة، مما يؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة.
وفاة عاملين في موقع بناء القنطرة: اتحاد الشغل يعبر عن القلق الشديد
في هذه الحادثة المأساوية، التي كشفت عنها تقارير رسمية، لقي العاملان مصرعهما بسبب انهيار جزء من الهيكل أثناء العمل، فيما تعرض الثلاثة الآخرون لإصابات تتطلب رعاية طبية فورية. أكد الاتحاد في بيانه أن مثل هذه الحوادث ليست منفردة، بل تكشف عن نظام عام يفتقر إلى الإجراءات الوقائية الفعالة، مما يعرض حياة الآلاف من العمال للخطر يومياً. يؤكد هذا الحادث على ضرورة مراجعة السياسات الحكومية المتعلقة بالسلامة المهنية، حيث أظهرت إحصاءات سابقة ارتفاع معدلات الحوادث في قطاع البناء بنسبة كبيرة خلال السنوات الأخيرة. الاتحاد دافع عن حقوق العمال، مطالبًا بتعزيز التدريب والتفتيش الدوري للمواقع، لتجنب تكرار مثل هذه الكوارث التي تؤثر على الأسر والمجتمع بأكمله.
خطر السلامة المهنية كقضية مجتمعية في تونس
يعكس هذا الحادث جانباً أوسع من المشكلات الاجتماعية في تونس، حيث أصبحت السلامة المهنية قضية مركزية تتطلب تدخلاً عاجلاً. في السنوات الأخيرة، شهدت البلاد تزايداً في حوادث العمل بسبب نقص المعدات الآمنة والتدريب غير الكافي، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية وإنسانية هائلة. على سبيل المثال، في قطاع البناء والإنشاءات، الذي يعتمد عليه الكثيرون للرزق، يواجه العمال تحديات مثل عدم الالتزام بالمعايير الدولية للسلامة، مما يزيد من خطر الوفيات والإعاقات. الاتحاد العام للشغل لم يقتصر دوره على إصدار البيانات، بل دعا إلى حملات توعية وصياغة قوانين أكثر صرامة لفرض الإجراءات الوقائية. هذه القضية ليست محصورة في موقع واحد، بل تمتد إلى قطاعات أخرى مثل الزراعة والصناعة، حيث يكشف الواقع عن فجوة كبيرة بين التشريعات الموجودة والتطبيق العملي على أرض الواقع. من الضروري أن تتكاتف الحكومة والمنظمات العمالية لإنشاء برامج تدريبية شاملة، وتوفير معدات حديثة، لتقليل مخاطر الحوادث وتعزيز ثقافة السلامة في بيئات العمل. في الختام، يبقى هذا الحادث تذكيراً مؤلماً بأن حياة العمال ليست رخيصة، وأن الاستثمار في السلامة المهنية هو استثمار في مستقبل أكثر أماناً واستدامة للبلاد. يجب أن يؤدي هذا إلى نقاش عام حول كيفية حماية العمال، مع التركيز على الوقاية قبل الحدوث، لتجنب المزيد من الضحايا وتعزيز التنمية الاقتصادية بشكل متوازن.
تعليقات