دراسة علمية حديثة تكشف أن نظامًا غذائيًا مبتكرًا يمكن أن يطعم العالم بحلول عام 2050.

خلص تقرير جديد إلى أن التعاون الدولي يمكن أن يجعل الطعام المغذي والمناسب ثقافيًا متاحًا لمعظم سكان الأرض بحلول عام 2050، مع تحسين الحالة البيئية العالمية. يؤكد التقرير على ضرورة تبني نظام غذائي يركز على الخضروات، الفاكهة، والحبوب الكاملة، مع تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والمنتجات غير المستدامة، لمواجهة تحديات التغذية والمناخ معًا.

نظام غذائي لصحة الكوكب

يُظهر التقرير، الذي أصدرته لجنة EAT-Lancet، أن اعتماد نظام غذائي متوازن يعتمد على الأطعمة الغنية بالمغذيات مثل الفواكه، الخضروات، المكسرات، والبقوليات، مع كميات معتدلة من البروتينات الحيوانية، يمكن أن يغذي حوالي 9.6 مليار شخص دون زيادة الضغط على الموارد الطبيعية. هذا النظام يتضمن تقليل هدر الطعام وزيادة الإنتاجية الزراعية، مما يساعد في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تصل إلى 60% مقارنة بمستويات 2020. وفقًا للخبراء، يمكن لهذا النهج أن يمنع ملايين الحالات الوفائية المبكرة سنويًا من خلال تقليل مخاطر الأمراض مثل السكري وأمراض القلب، بالإضافة إلى توفير ملايين الدولارات من خلال خفض تكاليف الرعاية الصحية واستعادة النظم البيئية.

غذاء مستدام للجميع

يعرض التقرير كيفية جعل النظام الغذائي أكثر استدامة من خلال تقليل الاعتماد على اللحوم، حيث يقترح استبدال جزء كبير منها بمصادر بروتين نباتية مثل البقوليات والحبوب. على سبيل المثال، يوصي بتناول حصة واحدة أسبوعيًا من اللحوم الحمراء، مثل لحم البقر أو الضأن، لتجنب آثارها السلبية على الصحة والبيئة، بينما يدعم استهلاك منتجات الألبان والأسماك باعتدال. هذا التحول ليس مجرد تغيير غذائي، بل يشمل تحسين ممارسات الزراعة لتقليل الضرر البيئي، مثل وقف تحويل الغابات إلى أراضي زراعية. في سيناريو مستقبلي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة إنتاج الخضروات بنسبة 42% والفواكه بنسبة 61%، مع انخفاض أسعار الغذاء بنحو 3%. ومع ذلك، يبرز التقرير أن تحقيق هذا يتطلب جهودًا شاملة، بما في ذلك إعادة توجيه الإعانات الزراعية نحو المحاصيل المستدامة وفرض ضرائب على الأطعمة غير الصحية لتشجيع خيارات أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، يشير التقرير إلى أن تقليل هدر الطعام وتحسين إدارة الموارد مثل المياه والأراضي ضروريان لضمان توافر الغذاء للجميع. في حالة الاستمرار بأنماط الاستهلاك الحالية، من المتوقع ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة من الزراعة بنسبة 33%، مما يفاقم فقدان التنوع البيولوجي. لكن مع التغييرات المقترحة، يمكن خفض عدد الماشية بنسبة 26% وتحرير مساحات واسعة من الأراضي للاسترداد الطبيعي. الخبراء يؤكدون أن هذا النظام ليس عن حرمان الأفراد من اللحوم، بل عن توازن يشبه النظام المتوسطي، حيث تكون الوجبات متنوعة وصحية. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يمكن أن يمنع هذا النهج حوالي 31% من الوفيات المبكرة الناتجة عن أمراض مرتبطة بالغذاء. لتحقيق ذلك، يجب على الدول تنسيق الجهود، بما في ذلك تقييد التسويق للأطعمة غير المفيدة وتعزيز التعليم لتغيير عادات المستهلكين.

في الختام، يؤكد التقرير أن التحول إلى نظام غذائي أكثر استدامة يمثل فرصة لتحقيق فوائد صحية واقتصادية وبيئية، حيث يمكن توفير ملايين الدولارات سنويًا من خلال تقليل التكاليف الصحية وتعزيز الاستدامة. هذا التحدي الكبير يتطلب استثمارات مقدرة بين 200 و500 مليار دولار، لكن العائد يفوقها بعشرة أضعاف، مما يجعلها خطوة حاسمة نحو عالم أكثر أمنًا غذائيًا وصحيًا.