أحمد ضباش بطل حرب أكتوبر: لحظة تاريخية أسطورية.. لن أنسى تقبيل تراب سيناء!

يحتفل الشعب المصري بذكرى انتصارات حرب أكتوبر، تلك الملحمة التي جسدت التضحية والإصرار من أبناء وطنيين مثل أحمد محمد عبد الحميد ضباش. من محافظة كفر الشيخ، حيث شهدت أرضها الكثير من الدماء الزكية، يروي ضباش، الشهير بالحاج أحمد طباش، قصته كمجند في سلاح القوات الخاصة. كان في الثانية والعشرين من عمره عندما انطلقت الحرب في 6 أكتوبر 1973، وهو يوم لم يكن يتوقع حدوثه خلال أجازته في رمضان. تذكر أحمد كيف تحرك الجيش المصري بدقة وحنكة، رغم تواضع الأسلحة أمام العدو، ليثبت أن الروح الوطنية تفوق أي تسليح.

حرب أكتوبر: شهادة الأبطال

في تلك الأيام الملحمية، يصف أحمد ضباش كيف كان التلاحم بين الشعب والقوات المسلحة هو سر النصر. كان الجميع، من الجنود إلى القيادة العسكرية، مدربين على أعلى مستوى، مع خطط تكتيكية دقيقة أعدت طويلاً لاستعادة الأراضي المحتلة. بدأت رحلته في 5 أكتوبر، حيث تم استدعاؤه فجأة من أجازته في رأس العين، وتم توجيهه إلى وحدته في بورسعيد بتجهيز سريع. في الساعات الأولى من 6 أكتوبر، انطلقوا نحو الكرنتينة دون معرفة بوجود حرب، لكن ما لبث أن تحول المشهد إلى معركة شرسة. كان سلاحه الشخصي رشاشاً من نوع آر بي جي، وشارك في قصف طائرات العدو المركزي، مع تنسيق كامل بين الوحدات. سرعان ما اقتحموا خط بارليف، ووصلوا إلى مسافة أربعة كيلومترات خلفه في يوم واحد، حيث رفع الجنود الأعداء أسلحتهم تسليماً.

مضى أحمد يروي تفاصيل الأيام اللاحقة، مثل إقامة مصائد للدبابات في 7 أكتوبر، ومواجهة محاولات الإسرائيليين للاختراق. كانت مهمته الرئيسية صد التقدم نحو قناة السويس، لحماية القوات البرية التي عبرت بالفعل. حفروا خنادق طويلة وبراميل للتخفي، مما أذهل العدو الذي واجه ساتر قوياً من الجنود المصريين. رغم القصف الشديد بالهاون، الذي كان يبلغ 81 ملمتراً، استطاعوا التحاشي بفضل التدريب الدقيق والتخطيط الاستراتيجي لقادة الجيش، مثل الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي التقى به أحمد في 14 أكتوبر وشكرهم قائلاً: “شرفتوني يا أولاد”. لن ينسى أحمد لحظة تقبيل تراب سيناء، حيث ملأ الجنود صناديق صغيرة منه رمزاً للانتصار، ولا ينسى الانكسار الذي أصاب القوات الإسرائيلية في معارك السويس وأبو عطوة، حيث اعترض أهالي المنطقة تقدمهم ببسالة، مما أدى إلى هزيمة قادة مثل موشيه ديان.

معركة الانتصارات: دروس الشجاعة

تظل حرب أكتوبر رمزاً للصمود المصري، كما يؤكد أحمد ضباش، الذي يمثل جيلاً من الأبطال الذين واجهوا عدواً متفوقاً تسليحاً لكنهم تفوقوا بالإيمان والتنظيم. في أيام الحرب، لم يقتصر الأمر على القتال فحسب، بل كان هناك تعاون بين كل الأسلحة، من الطيران إلى المشاة، لتحقيق هدف واحد: تحرير الوطن. أحمد يتذكر بوضوح كيف كانت المجموعات القناصة تستهدف الدبابات، وكيف تم منع الإسرائيليين من السيطرة على مداخل الإسماعيلية، مما أفشل مخططاتهم للمساومة. هذه الذكريات تعكس كيف أن الإصرار على الدفاع عن كل شبر من الأرض كان الفيصل في النصر. اليوم، يبقى أحمد شاهداً حياً على تلك الأحداث، يروي للأجيال اللاحقة أن مصر لن تتزعزع أمام أي محتل، مهما كانت قوته. هذه القصص من كفر الشيخ وغيرها من أنحاء الوطن تذكرنا بأن الروح القتالية، مع التنسيق العسكري الدقيق، هي ما يجعل من هزيمة مستحيلة إلى انتصار تاريخي. في النهاية، لم تكن حرب أكتوبر مجرد معركة عسكرية، بل كانت تتويجاً لعقود من الكفاح، حيث أصبح تراب سيناء رمزاً للحرية والكرامة الوطنية.