تفاقم أزمة فرنسا يحد من خيارات الرئيس ماكرون أمام التحديات المتزايدة

عمّقت الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو اليوم الإثنين الأزمة السياسية في فرنسا، مما يضع الرئيس إيمانويل ماكرون أمام تحديات جسيمة. يواجه ماكرون ثلاثة خيارات رئيسية: الاستقالة الشخصية، وهو خيار يبدو غير محتمل حالياً، أو حل الجمعية الوطنية وإجراء انتخابات مبكرة، على الرغم من أن ذلك قد لا يمنحه غالبية نيابية ويبدو كمغامرة جديدة. أما الخيار الثالث، فهو تكليف شخصية جديدة بتشكيل حكومة، لكن هذا قد يؤدي إلى تعزيز سيطرة الكتل النيابية من اليسار وأقصى اليمين، مما يجعل ماكرون محاطاً بالتحديات أو يواجه سقوط حكومات متكرر. وفي هذا السياق، دعت زعيمة حزب “التجمع الوطني” مارين لوبان إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة كحل وحيد.

استقالة رئيس الوزراء تعمق الأزمة السياسية

أدت استقالة لوكورنو، الذي يمثل الرئيس الخامس منذ يناير 2025، إلى تصعيد التوترات السياسية في فرنسا. كان لوكورنو قد أعلن تشكيل حكومة جديدة مساء أمس، بتعيين 18 وزيراً، لكن انتقادات واسعة انطلقت بسبب إعادة بعض الوجوه السابقة من حكومات سقطت سابقاً بسبب حجب الثقة. هذا الأمر يعكس إصرار ماكرون على تجاهل إرادة البرلمان، مما زاد من الغضب بين الأحزاب المعارضة. في الواقع، تعاني فرنسا من جمود سياسي منذ قرار ماكرون بإجراء انتخابات مبكرة العام الماضي، والتي أدت إلى برلمان منقسم بين كتل متنافسة، مما جعل الحكومات غير مستقرة. كما أن إقالة رؤساء الوزراء السابقين، مثل فرنسوا بايرو وميشال بارنييه، بسبب خلافات حول الموازنة، تشير إلى استمرار هذا الجمود.

أسباب التنحي

وراء استقالة لوكورنو عدة أسباب، وفقاً لمصادر مطلعة، فقد أعلن عن حكومة جديدة تحتوي على وزراء سابقين، مما أثار غضب النواب والمعارضين الذين رأوا في ذلك تجاهلاً لنتائج التصويت البرلماني. لوكورنو، كسابع رئيس وزراء في عهد ماكرون، كان يحاول إنقاذ البلاد من الأزمة من خلال تعيين شخصيات مثل برونو لو مير في الدفاع وروتان ليسكيور في الاقتصاد، مع الحفاظ على بعض الوزراء الرئيسيين مثل جان-نويل بارو في الخارجية وبرونو ريتايو في الداخلية. ومع ذلك، انتقدوا هذا التحرك كمحاولة للهروب من الواقع دون تغييرات جذرية، خاصة مع وجود تحديات مثل مواجهة الهجرة غير الشرعية أو إعداد خطة الموازنة. كما احتفظت رشيدة داتي بمنصبها رغم الاتهامات بالفساد الموجهة إليها، مما زاد من الشكوك حول جدية الإصلاحات. في المجمل، يبدو أن هذه الاستقالة تكشف عن فشل ماكرون في تحقيق توازن سياسي، حيث أدت الانتخابات السابقة إلى وضع يسيطر فيه اليسار وأقصى اليمين، مما يهدد بأزمة غير مسبوقة في تاريخ فرنسا الحديث. ومع ذلك، يظل السؤال الأكبر كيف سيتمكن ماكرون من تجاوز هذا الجمود دون الوقوع في فخ المعارضة القوية. هذه التطورات تجعل المشهد السياسي الفرنسي أكثر تعقيداً، حيث قد تؤدي إلى انتخابات جديدة تفاقم الصراعات بدلاً من حلها، وتشير إلى مستقبل غير مطمئن للبلاد.