ماذا لو لم يكن السد العالي؟ قصة مشروع أنقذ مصر من الفيضانات والجفاف

يُعتبر السد العالي في أسوان إحدى الإنجازات الهندسية الكبرى التي غيرت مسار تاريخ مصر، حيث حولته من بلد عرضة لمخاطر الفيضانات والجفاف إلى أمة مستقرة واقتصادية مزدهرة. هذا المشروع القومي لم يكن مجرد بناء، بل كان ركيزة للسيادة والاستقلال، حيث ساهم في ضمان توافر المياه والطاقة لملايين المواطنين على مدار عقود.

السد العالي: درع أمان مصر أمام الفيضانات والجفاف

قبل إنشاء السد العالي، كان نهر النيل مصدر حياة وتهديد في آن واحد، إذ أدت الفيضانات المتكررة، مثل تلك في عامي 1878 و1946، إلى غرق مساحات واسعة وتدمير المحاصيل، مما أدى إلى مجاعات وأزمات اقتصادية. أما الجفاف في الأربعينيات والخمسينيات، فقد أجبر مصر على الاستيراد الواسع للموارد، رغم الضغوط المالية. في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، تم اتخاذ قرار بناء السد كمشروع وطني خالص، بدءًا من عام 1960، مع مشاركة أكثر من 40 ألف عامل. النتيجة كانت بحيرة ناصر، التي تمتد لنحو 500 كيلومتر وتخزن 162 مليار متر مكعب من المياه، مما جعلها أكبر بحيرة صناعية في العالم. يبلغ ارتفاع السد 111 مترًا ويمتد لـ 3830 مترًا، مع قدرة على تمرير 11 ألف متر مكعب في الثانية، بالإضافة إلى مفيضات طوارئ.

المنشأة الهندسية الحيوية لحماية النيل

بالإضافة إلى دوره في السيطرة على مياه النيل، أصبح السد العالي مصدرًا رئيسيًا للطاقة الكهربائية، مع 12 مولدًا ينتجون حتى 2.1 جيجاوات، مما ساهم في إنارة المناطق الريفية ودفع التنمية الصناعية. في أوقات الأزمات، مثل الجفاف بين 1981 و1987، لعب دورًا حاسمًا في منع الكوارث، وأثناء فيضانات التسعينيات، ساهم في حفظ المحاصيل. مع تزايد تحديات سد النهضة الإثيوبي، أظهر السد قدرته على استيعاب ملايين الأمتار المكعبة يوميًا، مما ضمن حماية مصر بينما تأثرت دول مجاورة. اليوم، يظل هذا الإنجاز رمزًا لإرادة الشعب المصري، حيث يربط بين الحفاظ على الماء والطاقة وبين استمرارية الحياة على ضفاف النيل. إنه ليس بناءً فحسب، بل قصة نجاح وطني جعل مصر أكثر مقاومة للتغيرات البيئية، مما يؤكد أهميته في المستقبل.