وصية العالم السويدي ألفريد نوبل في عام 1895 حددت توزيع فوائده على خمس جوائز سنوية، بما في ذلك جائزة نوبل للسلام التي تمنح لمن يبذل أكبر جهد في تعزيز الأخوة بين الأمم وتقليص الجيوش ودعم مؤتمرات السلام. هذه الجائزة، على عكس جوائز العلوم مثل الفيزياء والكيمياء، غالباً ما تثير الجدل لعدم خضوعها لمعايير علمية دقيقة، بل تعتمد على عوامل رئيسية مثل الجهد الملموس كتوقيع اتفاقيات سلام أو وقف إطلاق نار مستدام. في السنوات الأخيرة، أصبحت جائزة نوبل للسلام ميداناً لتقييم الجهود السياسية الكبرى، حيث يركز لجنة التحكيم على الإنجازات التي تؤدي إلى تحولات إنسانية دائمة، لا مجرد اتفاقات مؤقتة.
جائزة نوبل وفرص فوز ترمب
مع اقتراب إعلان الفائز بجائزة نوبل للسلام، يبرز نقاش حول إمكانية فوز الرئيس دونالد ترمب، الذي حصل على ترشيحات من دول مثل إسرائيل وباكستان، على الرغم من تأخر الطلبات عن الموعد الرسمي. خلال فترتي رئاسته، ساهم ترمب في عدة مبادرات ساهمت في خفض التوترات، مثل تنظيم ثلاث قمم مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بين 2018 و2019، والتي أدت إلى توقف مؤقت للتجارب النووية وتخفيف التوترات العسكرية بين الكوريتين، وهو ما لم يحدث منذ الخمسينات. كما يُعزز ملف ترمب باتفاقات أبراهام، التي أنهت حالة الصراع بين إسرائيل وأربع دول عربية، مما يمثل خطوة نحو السلام في الشرق الأوسط، على الرغم من التحديات المتمثلة في موقف إسرائيل من حل الدولتين. بالإضافة إلى ذلك، حقق اتفاقاً مع حركة طالبان في الدوحة، وآخر بين صربيا وكوسوفو لتعزيز الروابط التجارية والدبلوماسية، كما سعى لتخفيف التوتر بين باكستان والهند، مما منع اندلاع نزاع محتمل بين دولتين نوويتين.
جهود ترمب لتعزيز السلام
ومع ذلك، تواجه هذه الإنجازات معضلات كبيرة، خاصة الصراع بين روسيا وأوكرانيا، حيث لم يؤدِ اللقاء بين ترمب وفلاديمير بوتين في قمة ألاسكا إلى تقدم ملموس نحو وقف إطلاق النار، رغم التفاؤل الأولي. منتقدوه يذكرون وعوده بإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة، مما يعكس الفجوة بين الوعود والواقع. أما في الشرق الأوسط، فإن الصراع في غزة يمثل تحدياً رئيسياً، حيث استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحداث لشن هجمات على اليمن، لبنان، سوريا، وإيران، مع مشاركة القوات الأمريكية لأول مرة بشكل مباشر. هذا الوضع أعاق محاولات واشنطن لإبرام اتفاق نووي جديد مع إيران. من جهة أخرى، يُذكر مبادرة ترمب لوقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن مع انسحاب القوات الإسرائيلية كخطوة إيجابية، حيث فرض ضغوطاً على كلا الطرفين، حماس وإسرائيل، للوصول إلى حل يبدو ناضجاً. ومع ذلك، يبقى السؤال حول استدامة هذه الجهود، مستذكرين اتفاق لبنان الذي لم يؤدِ إلى تسليم أسلحة حزب الله أو انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل. في نهاية المطاف، لا تبدو فرص ترمب كبيرة للفوز هذا العام، حيث تعتمد اللجنة على تقييم ما إذا كانت إنجازاته تمثل صفقات سياسية عابرة أم تحولات إنسانية دائمة، مثل السلام الإيجابي الذي يعزز العدالة والاستدامة. هذا التمييز بين السلام كحالة مؤقتة وكحالة قيمية يظل العامل الحاسم في قرارات اللجنة.
تعليقات