انفتاح حزب الله مع السعودية يظل غامضاً: تطورات محيرة في العلاقات

يعكس الانفتاح الذي أبداه حزب الله تجاه السعودية محاولة لتخفيف التوترات الإقليمية، حيث دعا الأمين العام الشيخ نعيم قاسم إلى فتح حوار وطي الخلافات، في خطوة تهدف إلى إعادة ترتيب العلاقات المتوترة بين الجانبين. ومع مرور الوقت، لم يظهر بعد أي استجابة واضحة من الرياض، رغم الجهود الدبلوماسية التي بذلتها إيران من خلال زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني للمملكة قبل أكثر من شهر، حيث ناقش أمر التقارب مع ولي العهد محمد بن سلمان ووزير الدفاع خالد بن سلمان. كان الرد السعودي يؤكد على دعم الاستقرار في لبنان وضمان حصر السلاح لدى الدولة اللبنانية، مما يعكس تحفظات واسعة تجاه أي تغيير سريع.

جهود انفتاح حزب الله مع السعودية

في هذا السياق، نقل لاريجاني إلى المسؤولين السعوديين أن حزب الله ملتزم بتهدئة العلاقات وتنقية الجو مع الرياض، التي تلعب دوراً كبيراً في الشؤون اللبنانية. يسعى الحزب، وفق المعلومات المتاحة، إلى البدء بخطوات تدريجية لتخفيف الخصومة، مع التركيز على المصالح المشتركة في المنطقة. ومع ذلك، لم تغلق السعودية الباب تماماً أمام هذه المبادرة، بل أعطت إشارات إلى الحاجة لمزيد من الوقت لمراقبة التطورات في لبنان والمنطقة بأكملها. هذا النهج يعكس التعقيدات السياسية، حيث يعمل حزب الله على تخفيف التوتر محلياً من خلال فتح قنوات اتصال مع الأطراف السياسية والحزبية المحلية، بما في ذلك تلك التي ترتبط بالمملكة. وفق المعلومات، يرى الحزب أن السلاح يجب أن يظل موجهاً فقط ضد التهديدات الخارجية، مثل العدو الإسرائيلي، لا ضد الداخل اللبناني أو أي دولة أخرى.

خطوات نحو تقارب مع الرياض

وبالرغم من هذه المحاولات، فإن الرؤى السياسية السعودية تبقى مختلفة عن تلك التي يتبناها حزب الله، مما يتطلب وقتاً أطول لتوضيح الفجوات. تشير المعلومات إلى أن هناك اعتراضات من بعض الحلفاء السعوديين في لبنان على أي انفتاح، معتبرين أن الحزب يمر بمرحلة ضعف ويسعى لللجوء إلى الرياض للتموضع ضد الضغوطات. ومع ذلك، فإن حزب الله مستمر في سعيه لتعديل العلاقات، مستلهماً من الاتفاق الأخير بين إيران والسعودية عبر وساطة بكين، حيث يأمل في الوصول إلى حالة من عدم الصدام تدريجياً. هذا التوجه مدعوم بقراءة جديدة للتهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد الاعتداءات الأخيرة على غزة وقطر، حيث يرى الحزب وجود قواسم مشتركة مع السعودية في مواجهة الطموحات التوسعية لإسرائيل، كما أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو من خلال خارطة “إسرائيل الكبرى” ضمن رؤية “الشرق الأوسط الجديد”.

في الوقت نفسه، يبقى التواصل المباشر بين السعودية وحزب الله معلقاً، مرتهناً بتطورات الأوضاع في لبنان، حيث خف التوتر قليلاً وتراجعت بعض الحملات المحلية التي كانت تراقب الاتصالات الإيرانية-السعودية. يعمل الحزب على تعزيز الحوار الداخلي اللبناني مع جميع المكونات السياسية والطائفية، كما حدث في زيارة النائب محمد رعد لرئيس الجمهورية، مما يشكل خطوة لتجاوز الخلافات السابقة مثل الفعاليات في “صخرة الروشة” دون الخروج من الحكومة. هذا النهج يعكس استراتيجية شاملة للحزب لتحقيق الاستقرار، سواء داخلياً أو مع الدول العربية، مع التركيز على بناء جسور جديدة قد تؤدي إلى تبادل مصالح مشتركة في مواجهة التحديات الإقليمية. وفي هذا الإطار، يظل السؤال معلقاً حول ما إذا كانت هذه الجهود ستؤتي ثمارها في إنهاء التصنيف السعودي لحزب الله كمنظمة إرهابية، خاصة في ضوء الصراعات اليمنية ودور الحزب في دعم الحوثيين. إلا أن التعامل مع هذه الملفات يتطلب صبراً ودبلوماسية متجددة، حيث يسعى الجميع إلى تجنب تصعيد جديد في المنطقة.