فيضان النيل يهدد: فيديو يكشف ما يحدث خلف السد العالي

أدت زيادة منسوب مياه نهر النيل مؤخرًا إلى ظهور فيضانات هائلة، مشكلة تحديًا وفرصة في آن واحد، مع دور بارز للسد العالي في ضمان التوازن البيئي والأمن المائي لمصر.

فيضان النيل ودوره خلف السد العالي

شهدت الأسابيع الماضية ارتفاعًا كبيرًا في منسوب مياه النيل، نتيجة فتح إثيوبيا لأربع بوابات من سد النهضة، مما أدى إلى تدفق نحو 200 مليون متر مكعب يوميًا من كل بوابة باتجاه بحيرة ناصر. هذا الارتفاع لم يكن محض حدث طبيعي، بل انعكاسًا للتدفقات المائية الإقليمية التي تؤثر على مصر بشكل مباشر. مع ذلك، فقد برهن السد العالي على كفاءته العالية في استيعاب هذه الكميات الضخمة، حيث عملت التوربينات بطاقتها الكاملة لإنتاج 2100 ميجاواط من الكهرباء، مما يعزز الإمدادات الطاقية للبلاد. بحيرة ناصر، كأكبر خزان مائي صناعي في العالم بطاقة تخزينية تفوق 160 مليار متر مكعب، لعبت دورًا حاسمًا في امتصاص الفيضان، مما يؤكد على أهميتها كمخزن استراتيجي يحمي مصر من الجفاف أو الفيضانات المفاجئة.

في هذا السياق، أصبحت إدارة هذه المياه الزائدة نموذجًا للابتكار، حيث بدأ مفيض توشكى في تصريف الجزء الزائد من المياه نحو الصحراء الغربية، وفق خطة مدروسة لتجنب أي مخاطر على السد. هذه العملية لم تقتصر على الحماية فحسب، بل تحولت إلى فرصة تنموية، إذ تتدفق المياه عبر خور توشكى وقناة الشيخ زايد لتغذية مناطق الاستصلاح الزراعي في جنوب الوادي والوادي الجديد، خاصة مشروع المليون ونصف فدان. بذلك، يتحول الفيضان من مصدر تهديد إلى محفز للتنمية الزراعية، مما يدعم الزراعة المستدامة ويحسن من الإنتاجية الغذائية في مصر.

من جانب آخر، تستمر عملية إعادة توزيع المياه المخزنة في بحيرة ناصر بشكل يومي، حيث تخرج لتغذية مجرى النيل جنوبًا نحو دلتا مصر، مما يضمن توفير المياه اللازمة للأغراض الزراعية، الصناعية، والاستهلاك المنزلي. تشكل حصة مصر السنوية من النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، عماد الاحتياجات المائية للبلاد، مع دور السد العالي كآلية توازن دقيقة بين الواردات والاستهلاك على مدار العام. ومع استمرار التدفقات من إثيوبيا، يبقى السد قادرًا على استقبالها دون حدوث أزمة، حيث يتم مراقبة الكميات بدقة لضمان الاستدامة.

ارتفاع منسوب النهر وتدفقات المياه

مع تصاعد ارتفاع منسوب النهر، أصبحت الآليات الإدارية للمياه في مصر نموذجًا للكفاءة، حيث تحولت التحديات إلى فرص ملموسة. على سبيل المثال، يساهم الفيضان الحالي في تعزيز مشاريع الري الكبرى، مما يدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي. في الواقع، يعكس هذا الوضع القدرة على تحويل الظروف البيئية إلى موارد، سواء من خلال توليد الطاقة أو دعم الزراعة، مما يؤكد أن مصر لديها القدرات اللازمة لمواجهة التغيرات الإقليمية. ومع ذلك، يظل التركيز على الاستدامة، حيث تتم مراقبة التدفقات المستمرة من سد النهضة لضمان عدم التأثير السلبي على موارد المياه المستقبلية. في نهاية المطاف، من الفيضانات الواسعة إلى التصريفات المنظمة، تظهر مصر مرونتها في تحويل الظروف الطبيعية إلى أدوات للتقدم، مضمنة بذلك الأمان المائي لأجيالها القادمة. هذا النهج المتكامل يجسد كيفية تحول التحديات إلى فرص، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.