في العاصمة الجورجية تبليسي، اندلعت اشتباكات عنيفة يوم الانتخابات البلدية، حيث حاولت جموع من المتظاهرين المعارضين اقتحام القصر الرئاسي في محاولة للتعبير عن غضبهم من السياسات الحكومية. الاحتجاجات، التي شهدت مشاركة عشرات الآلاف من المناصرين للاتحاد الأوروبي، تحولت إلى مواجهات مباشرة مع قوات الشرطة، التي استخدمت مدافع المياه ورذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع للحد من التقدم. هذه الأحداث لم تقتصر على الساحة السياسية المحلية، بل عكست أزمة أعمق تتعلق بالاتجاهات الجيوسياسية لجورجيا، مع اتهامات بتزوير الانتخابات وانحياز الحكومة نحو روسيا.
اقتحام القصر الرئاسي في تبليسي: اشتباكات عنيفة تهز جورجيا
شهد يوم الانتخابات البلدية في جورجيا تصعيداً درامياً، إذ بدأت المظاهرات في ساحة الحرية بمظاهر سلمية، لكنها سرعان ما تحولت إلى اقتحام للقصر الرئاسي. المتظاهرون، الذين رفعوا أعلام جورجيا والاتحاد الأوروبي، اتهموا حزب “الحلم الجورجي” الحاكم بفقدان الشرعية، مدعين أنه يتآمر مع روسيا ويضع العراقيل أمام طموحات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. خلال الحدث، أفادت التقارير بإصابة 14 شرطياً على الأقل، إضافة إلى إمكانية وقوع اعتقالات واسعة. رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه وصف الاقتحام بأنه “جريمة جنائية”، معتبراً إياه محاولة انقلابية تهدد الاستقرار، في حين أعلنت الحكومة فوزها في جميع البلديات رغم مقاطعة المعارضة.
تمتد جذور هذه الاحتجاجات إلى الانتخابات البرلمانية العام الماضي، التي اعتبرتها المعارضة مزورة، مما أدى إلى تجميد محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. هذا القرار أثار موجة من الغضب، إذ يُنظر إليه كخطوة نحو تقويض الديمقراطية وتعزيز النفوذ الروسي في المنطقة. المتظاهرون وصفوا الحكومة بأنها “استبدادية”، مطالبين بإعادة فتح المفاوضات الأوروبية ومحاسبة قيادات الحزب الحاكم. في هذا السياق، برزت حملة قمع واسعة النطاق، شملت اعتقالات وغرامات مالية باهظة، مثل حالة المعلم غوتا شانتوريا الذي واجه غرامة تصل إلى 102 ألف دولار. هذه الإجراءات لم تقتصر على الأفراد، بل ساهمت في تفاقم الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ بداية 2024.
هجوم على المؤسسات الرسمية يعزز الأزمة في جورجيا
في السياق الواسع، تشهد جورجيا صراعاً بين طموحاتها الأوروبية الطويلة الأمد واتجاهاتها السياسية المتأثرة بالنفوذ الروسي. الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على بعض المسؤولين الجورجيين بسبب قمع الاحتجاجات، مما دفع إلى مقارنات دولية بين أساليب الحكومة وتلك المستخدمة في روسيا لقمع المعارضة. هذه التطورات أثارت مخاوف عالمية حول مستقبل الديمقراطية في جورجيا، حيث يرى مراقبو الشؤون الدولية أن الانحياز إلى موسكو قد يعيق مسيرة البلاد نحو التكامل الأوروبي. الاحتجاجات لم تكن مجرد تعبيراً عن الغضب الشعبي، بل كانت دعوة لـ”ثورة سلمية” تهدف إلى استعادة الشرعية الديمقراطية.
مع استمرار الأزمة، يواجه المجتمع الجورجي تحديات اقتصادية وسياسية مترابطة، حيث أدت التوترات إلى تأثيرات على الاستثمارات الأجنبية والعلاقات الدبلوماسية. المتظاهرون يصرون على ضرورة إصلاحات شاملة، بما في ذلك ضمان شفافية الانتخابات المستقبلية ووقف القمع ضد المعارضة. في المقابل، الحكومة تحاول التعامل مع الوضع من خلال إعلان الاستقرار، لكن الضغوط الداخلية والخارجية تواصل التصاعد. هذا الوضع يبرز مدى التداخل بين السياسة الداخلية والقضايا الجيوسياسية في جورجيا، مما يجعل من هذه الأحداث نقطة تحول محتملة في مسيرة البلاد نحو مستقبل أكثر ديمقراطية وانفتاحاً.
تعليقات