شهد العالم مؤخرا توقيع اتفاقية دفاعية بين باكستان والمملكة العربية السعودية، وهو خطوة غير مسبوقة في السياسة الدولية. هذه الاتفاقية، التي تشمل التزام الطرفين بالرد على أي هجوم مشترك، أثارت مخاوف حول تأثيرها على التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا. على الرغم من أنها تبدو خطوة استراتيجية لتعزيز الأمن، إلا أنها تبرز تحديات اقتصادية وسياسية قد تؤثر على العلاقات الإقليمية، خاصة مع الهند. في هذا السياق، يظهر أن الاتفاقية لن تهدد صلات الرياض مع نيودلهي، بل قد تعزز دعم السعودية المالي والعسكري لباكستان، مما يساعد الأخيرة في تعزيز مكانتها في العالم الإسلامي. ومع ذلك، يبدو أن الفائدة الأساسية تذهب إلى الجهاز العسكري الباكستاني أكثر من كونها مكسباً وطنياً شاملاً.
اتفاقية باكستان والسعودية وتأثيرها الدبلوماسي
في ضوء التطورات الأخيرة، تجسد هذه الاتفاقية تعاونًا إقليميًا يركز على تقاسم الموارد العسكرية والدعم المالي، مما يعزز قدرة السعودية على التعامل مع التهديدات الإقليمية مثل تلك المرتبطة بالصراعات في الشرق الأوسط. تاريخيًا، تعتمد المملكة العربية السعودية على علاقاتها مع باكستان لتعزيز أمنها، خاصة أمام التحديات الجيوسياسية مثل الصراع مع إسرائيل أو التهديدات الشيعية في اليمن. هذا التحالف يتيح للرياض الحصول على دعم عسكري قوي وقدرات نووية من باكستان، مما يعمل كرادع لأي عدوان محتمل. ومع ذلك، فإن الاتفاقية لا تعني تغييراً في علاقات السعودية مع الهند، حيث يؤكد الجانبان أن هذه الشراكة لن تؤثر على الروابط التجارية والدبلوماسية القوية بين الرياض ونيودلهي، بما في ذلك الواردات النفطية الهائلة والجالية الهندية الكبيرة في السعودية.
التحالف الدفاعي بين الرياض وإسلام آباد ومخاطره
من ناحية أخرى، يُنظر إلى هذا التحالف على أنه أداة لتعزيز نفوذ الجيش الباكستاني أكثر من كونه مسعىً وطنيًا. باكستان، التي تواجه تحديات اقتصادية حادة واعتماداً دائماً على الدعم الخارجي، ستستفيد من التمويل السعودي لتحديث قوتها العسكرية، بما في ذلك شراء أسلحة متقدمة. ومع ذلك، قد يؤدي هذا إلى تعميق الانقسامات الداخلية، حيث يركز الجيش على توسيع نفوذه بدلاً من حل المشكلات الاقتصادية الوطنية مثل التبعية للاحتياطيات النقدية أو مكافحة الإرهاب. في الوقت نفسه، يبقى السؤال حول ما إذا كانت السعودية ستدعم باكستان في أي مواجهة مع الهند، وهو احتمال منخفض للغاية بسبب العلاقات الاقتصادية المتينة بينهما. على سبيل المثال، الواردات الهندية من النفط السعودي تضمن أن الرياض لن تقبل بأي خطوة تهدد هذه الشراكة.
أما بالنسبة للآفاق المستقبلية، فإن هذه الاتفاقية قد تعزز مكانة باكستان في العالم الإسلامي، خاصة من خلال التقارب مع دول مثل تركيا والصين، إلا أنها تجعل باكستان أكثر اعتماداً على الدعم الخارجي دون حل جذري لمشكلاتها الداخلية. في الختام، بينما تحقق السعودية أهدافها في تعزيز الاستقرار، يبقى التحدي في أن تكون باكستان قادرة على تحويل هذه الفوائد إلى مكاسب وطنية حقيقية، خاصة في ظل اقتصاد متعثر وصراعات إقليمية مستمرة. هذا التحالف، إذاً، يمثل خطوة تكتيكية أكثر من كونها استراتيجية شاملة، ويفتح الباب لتداعيات قد تشكل مستقبل المنطقة بأكملها.
تعليقات