حامد بن عقيل يصافح العالم بـ«الوحدة حرية حزينة»
أصدر الكاتب والشاعر السعودي حامد بن عقيل مؤلفه الشعري الجديد “الوحدة حرية حزينة”، الذي يمثل رحلة عميقة في أعماق الروح الإنسانية، مستكشفاً آلام الإنسان في عالم مليء بالقهر والظلم. في هذا الكتاب، يلتقط بن عقيل صدى الانهيارات الكبرى التي يعيشها الأفراد، حيث يحول أحلامهم المهشمة إلى ملحمة شعرية تتحدى اللامبالاة وتبني جسرًا نحو الحرية. على سبيل المثال، في قصيدة “قصيدة لحياة ما”، يرسم الشاعر صورة حيّة لشخص يعاني فقدانًا عميقًا، فيقول متخيلاً حوارًا يعكس الوحدة كحرية مريرة: “زوجتي تُحتضر في مدينة مجهولة، وأنا أتمنى قطع الربع الخالي مشيًا، لكن الوحدة حرية حزينة، وتلك الزوجة ماتت منذ عصر المغول، وحزنك عليها أصبح أغنية حماسية في براري آسيا”. هكذا، يجسد بن عقيل الصراع الداخلي للإنسان، مستلهماً من تجارب الحياة اليومية ليصنع شعراً يلامس الروح ويثير الأسئلة حول الهوية والوجود.
في صفحات الكتاب، يستحضر الشاعر صوراً رمزية عميقة، مثل الملائكة التي تعبر أمامه أثناء مشاهدته لنشرة الأخبار، كما لو كان يجلس على أرض مثقوبة وقد تحطمت أركانها. هذا التصوير يأخذنا إلى قصيدة “حياد من امتلك العالم”، حيث يختبر بن عقيل ملاكاً يهرب من السؤال، رافضاً الوقوف على الحياد في وجه الدمار. الكتاب، الذي صدر حديثاً عن دار “محترف أوكسجين للنشر” في طبعة تضم 88 صفحة، قد شارك في معرض كتاب الرياض، حيث سطع حضوره من خلال قصائد مكثفة وأسطر محكمة تشبه اللافتات المضيئة في طريق مظلم. هذه القصائد تدفع القارئ نحو آفاق جديدة من الاكتشاف، بحثاً عن معانٍ عميقة وتعريف جديد للقصيدة كشعلة تنير قلوب المحبين وتنتصر على هشاشة الحياة.
الشاعر السعودي في مواجهة الواقع المعطوب
يعكس حامد بن عقيل في “الوحدة حرية حزينة” تمرده على عالم معطوب، حيث يجمع في قصائده صوت المهمشين، والقراصنة، والسكارى، والنساء الوحيدات، والأطفال الذين سُلبوا أحلامهم. من هذه الشخصيات، يستمد الشاعر قوة الحياة والحب، محولاً تجاربهم إلى معابر شعرية تجريبية تؤكد على النقاء والنزاهة في عالم يسير نحو الخراب. يصف الكتاب في كلمة غلافه كيف يواجه بن عقيل الواقع بالرفض والتمرد، مستخدماً القصيدة كأداة للصراخ ضد الظلم، والتأوه أمام القهر، مع رحلة تبتدئ من ملاحم العالم القديم وتمتد إلى معارك نهاية الزمان. هذا النهج يجعل القصائد ليست مجرد كلمات، بل أصوات تعبر عن غضب وتهكم، تدفعنا لنكتشف دروب الحرية في زمن يغلب فيه اليأس. من خلال هذا العمل، يقدم بن عقيل رؤية شعرية فريدة تذكرنا بأهمية الفن في مواجهة الشدائد، حيث يصبح الشعر سلاحاً للنفس البشرية، مفتوحاً على تأويلات متعددة تجعل القارئ يشعر بالانتماء والتأمل. في النهاية، يبقى هذا الكتاب دعوة لإعادة اكتشاف الذات وسط الفوضى، مؤكداً أن الشعر يمكن أن يعيد بناء ما تهدمه الحياة.
تعليقات