مخاطر المتردية والنطيحة في عصر السوشيال ميديا: تحديات الأخبار في السعودية

لم تعد «المتردية والنطيحة» مجرد مصطلحات قرآنية تتعلق بالماضي، بل تُعيد تشكيل نفسها كرموز حية في عالم السوشيال ميديا، حيث تعكس كيف ينهار المحتوى أو الحسابات تحت ضغوط الزمن الرقمي.

المتردية والنطيحة في السوشيال ميديا

في هذا السياق، تمثل المتردية الحسابات التي تسقط بلا مقاومة، سواء بسبب الاعتماد على المحتوى السطحي أو المتابعة للترندات دون أساس قوي. هذه الحسابات غالبًا ما تكون كالفقاعات الهشة، تحمل محتوى مكررًا يفقد جاذبيته سريعًا، مما يؤدي إلى انهيارها الذاتي عندما يتجاوز الجمهور سطحها الوهمي. من ناحية أخرى، تظهر النطيحة كنوع من الانهيار الخارجي، حيث تصمد بعض الحملات أو المعرفات مؤقتًا، لكنها تفشل عند الاصطدام بقوى مضادة، مثل النقد الحاد أو السرديات المنافسة. هذا الانهيار يبرز في حملات ترويجية تبدو ناجحة في البداية، لكنها تختفي مع أول صدام حقيقي، مما يضعنا أمام سؤال أساسي: كيف يمكن النجاة في هذا العالم الرقمي المتقلب؟

السقوط والانهيار الرقمي

للنجاة من مصير المتردية أو النطيحة، يجب الاعتماد على مزيج من المصداقية والمرونة. المصداقية تعني بناء محتوى قوي ومتماسك، يقاوم الانهيار الذاتي بفضل أسسه الراسخة، مثل الالتزام بالحقائق والابتعاد عن الزيف. أما المرونة، فهي القدرة على التكيف مع التغييرات، حيث يحول الكاتب أو الحساب النقد إلى فرصة للتطوير، بدلاً من الاستسلام للاصطدامات. في سوشيال ميديا، الذي يعمل كمختبر يومي، يتم اختبار كل فكرة بصرامة، فالمحتوى الناجح هو ذاك الذي يحافظ على هويته الأصلية، بعيدًا عن التقليد الأعمى أو مطاردة الأضواء السطحية. على سبيل المثال، الحسابات التي تركز على سرديات حقيقية ومبتكرة تستطيع الصمود، بينما تلك التي تعتمد على الاستعراض السريع تنتهي كضحايا لأول مواجهة.

في الواقع، يتجاوز هذا التحليل مجرد وصف للسقوط؛ إنه دعوة لإعادة التفكير في طبيعة التواصل الرقمي. المتردية تمثل من يفقد توازنه بفعل الفراغ الداخلي، بينما النطيحة تكشف عن هشاشة المواجهات غير المتكافئة. لذا، يصبح السؤال الجوهري هو كيف يمكن للمستخدمين أو الكتاب بناء روايات دائمة، لا تتأثر بالتقلبات اليومية. في زمن السوشيال ميديا، حيث يغلب الضجيج، فإن النجاح الحقيقي يأتي من القدرة على خلق محتوى يصمد أمام الزمن، مبتعدًا عن الانهيارات المتكررة. هذا يتطلب وعيًا بالمخاطر، حيث يمكن لأي حساب أن يتحول إلى “ميتة رقمية” إذا لم يبنِ دفاعاته الداخلية.

أخيرًا، من خلال عدسة “المتردية والنطيحة”، نرى أن عصر التواصل الاجتماعي يفرض اختبارًا صارمًا للأفكار. البقاء ليس في الكمية أو الضجة، بل في بناء وعي رقمي حقيقي، يقاوم التردي الذاتي ويتصدى للاصطدامات. هذا الوعي يجعل الفارق بين من يصبحون صوتًا مؤثرًا وبين من يندثرون في زحام المنصات. بذلك، يظل السؤال مفتوحًا: هل ستكون جزءًا من المحتوى الدائم، أم ستنضم إلى قائمة الانهيارات اليومية؟