خُضت مصر، على مر السنين، في محاولات لإحياء الروايات السينمائية حول انتصارات حرب أكتوبر 1973، لكن هذه المشروعات الطموحة تواجه تحديات كبيرة تتمثل في نقص التمويل. رغم مرور أكثر من نصف قرن على تلك الأحداث التاريخية، يظل الوسط الفني المصري يتساءل عن أسباب انحسار الأعمال الدرامية والسينمائية المتعلقة بها، حيث أبرز النقاد كيف يتعثر حلم إنتاج أفلام كبرى عن تلك الانتصارات بسبب العوائق المالية.
مصر: مشروعات أفلام طموحة عن حرب أكتوبر
مع مرور 52 عاماً على بداية حرب أكتوبر، يلاحظ الوسط السينمائي في مصر تراجعاً واضحاً في إنتاج الأفلام التي تحتفل بالقيمة التاريخية والوطنية لهذا الحدث. على الرغم من أن الشاشات المصرية تعيد بث أفلام قديمة مثل “بدور” و”الرصاصة لا تزال في جيبي” و”أغنية على الممر” خلال الذكرى السنوية، إلا أن أحدثها كان فيلم “الممر” عام 2019، الذي ركز على بطولات الجيش المصري في حرب الاستنزاف ونجح في جذب الجمهور. ومع ذلك، هناك العديد من المشاريع التي لم تنجز، مثل فيلم “الكتيبة 26” الذي استند إلى يوميات الفنان الراحل لطفي لبيب، الذي شارك في الحرب ووثق تجاربه، لكنه توقف بسبب نقص التمويل. يؤكد النقاد، مثل طارق الشناوي وأحمد السماحي، أن هذا التحدي يعود إلى ضرورة مشاركة الدولة في الإنتاج، مما يعيق الجهود لتجاوز هذه العقبة، خاصة مع وجود عوامل أيديولوجية تحول دون تقدم بعض المشاريع، كما حدث مع فيلم أسامة أنور عكاشة الذي لم يتم بسبب خلافات سياسية.
التحديات أمام الإنتاجات عن انتصارات أكتوبر
في السياق نفسه، يبرز الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في تخطي عقبة التمويل، كما حدث في حالة فيلم “الممر” الذي حقق إيرادات تجاوزت 74 مليون جنيه رغم تكلفته البالغة 63 مليون جنيه. وفقاً للناقد طارق الشناوي، يجب أن تتجاوز مصر الاعتماد على الدولة لدعم مثل هذه الأفلام، خاصة أن هناك فرصاً لإنتاج أعمال جديدة، مثل الجزء الثاني من “الممر” الذي يُقال إنه يركز على حرب أكتوبر مباشرة. ومع ذلك، يشير اللواء سمير فرج إلى أن الفرصة تتلاشى مع مرور الزمن، حيث يرحل أبطال الحرب وتختفي المعدات التاريخية، مما يجعل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بديلاً غير كافٍ. في المقابل، دعت أصوات فنية إلى توجيه موارد أكبر من قبل الدولة أو الشركات المتحدة لإنتاج فيلم شامل يجمع بين العناصر الروائية والوثائقية، كما كان حلم الرئيس الراحل أنور السادات.
من بين الأفلام التي تناولت هذا الموضوع في السابق، نجد “الطريق إلى إيلات” و”حائط البطولات” و”العمر لحظة”، والتي ساهمت في توثيق بطولات الجيش المصري. ومع ذلك، يظل التمويل العائق الأكبر، كما أكد الناقد أحمد السماحي، الذي أشار إلى أن السينما المصرية لم تنتج سوى ثمانية أفلام روائية طويلة عن الحرب على مدار عقود، معظمها يركز على الجوانب العاطفية أكثر من التاريخية الكاملة. في الختام، يتطلب الأمر جهودًا مشتركة لتغطية كافة جوانب انتصارات أكتوبر، سواء من خلال دعم الدولة أو المبادرات الخاصة، لضمان أن يتم تقديم رواية شاملة وملهمة للأجيال القادمة، مع الحرص على تجاوز التحديات اللوجستية والسياسية التي تحول دون ذلك. هذا التركيز على الإرث التاريخي يعكس أهمية الحفاظ على هذه القصص في الوعي الجمعي، مما يعزز الروح الوطنية ويجذب الجمهور العالمي نحو السينما المصرية.
تعليقات