مفاجآت تهز أسواق النفط.. خسارة أسبوعية ضخمة رغم الارتفاع الأخير

شهدت أسعار النفط العالمية تقلبات حادة خلال الأسابيع الأخيرة، مع ارتفاع طفيف في نهاية تعاملات الجمعة الماضية رغم تسجيل خسائر أسبوعية كبيرة لم تشهد مثلها منذ أكثر من ثلاثة أشهر. هذه التقلبات نجمة عن عوامل متعددة، بما في ذلك الضغوط الناتجة عن زيادة محتملة في إمدادات منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك+” وتطورات في الأسواق العالمية التي أثرت على الطلب والعرض.

تقلبات أسعار النفط العالمية

في ختام تعاملات الجمعة، أغلقت العقود الآجلة لخام برنت مرتفعة بنحو 42 سنتًا، أو 0.7%، لتصل إلى 64.53 دولار للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة مشابهة بلغت 40 سنتًا، أو 0.7%، ليصل إلى 60.88 دولار للبرميل. ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع الطفيف لم يمنع تسجيل خسائر أسبوعية كبيرة، إذ تراجع برنت بنسبة 8.1%، وفقد غرب تكساس 7.4% من قيمته. هذه الخسائر تعكس الضغوط المتزايدة على سوق النفط، الناتجة عن عودة تدفق النفط عبر خطوط الأنابيب العراقية الكردية بعد توقف دام عامين، بالإضافة إلى التوقعات بزيادة في الإنتاج من قبل أوبك+.

أشار دينيس كيسلر، نائب الرئيس الأول لشؤون التداول في شركة بي.أو.كيه فاينانشال، إلى أن هذه العوامل ساهمت في زيادة الضغوط البيعية. وأضاف أن الأسواق تأثرت أيضًا بالتطورات السياسية والاقتصادية، مثل بدء مفاوضات بين حماس وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن خطة سلام، إلى جانب البيانات السلبية من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، التي أظهرت تراجعًا في مخزونات النفط أقل من المتوقع. هذا الوضع يعزز النظرة السلبية تجاه الأسعار في الفترة القريبة، حيث يُعتقد أن الزيادة في الإمدادات قد تعيق التعافي.

تأثيرات سوق الخام العالمي

في السياق نفسه، حذر عدد من المحللين من احتمال مزيد من التراجع في أسعار النفط خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع تنفيذ أوبك+ لزيادة قد تصل إلى 500 ألف برميل يوميًا في الإنتاج. قال توني سيكامور، المحلل لدى شركة آي.جي، إن هذه الخطوة قد تكون كافية لدفع الأسعار نحو الهبوط مجددًا، متوقعًا أن يصل سعر خام برنت إلى 58 دولارًا للبرميل في البداية، ثم يتراجع إلى 55 دولارًا، وهو أدنى مستوى منذ بداية العام. هذا التباطؤ في أسعار الخام يرتبط أيضًا بتباطؤ أعمال المصافي العالمية بسبب الصيانة الموسمية وانخفاض الطلب في الأشهر المقبلة، مما يعزز من حالة عدم اليقين في سوق الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، يبرز تأثير التحديات الاقتصادية العالمية على مستقبل الطلب على النفط، حيث تشهد الدول الكبرى داخل أوبك+ تغييرات في سياسات الإنتاج لمواجهة البطء الاقتصادي. على سبيل المثال، قد يؤدي التباطؤ في النشاط الاقتصادي العالمي إلى تقليل الطلب على الوقود، مما يفاقم الضغوط السعرية. في الوقت نفسه، تظل العوامل الجيوسياسية، مثل النزاعات الإقليمية، عاملاً إضافياً يمكن أن يؤثر على التوازن بين العرض والطلب.

بناءً على ذلك، يتوقع خبراء السوق أن يستمر التقلب في أسعار النفط خلال الفترة القادمة، مع التركيز على اجتماعات أوبك+ المقبلة التي قد تحدد مسار الأسعار. هذا الوضع يدفع الدول المنتجة لإعادة تقييم استراتيجياتها للحفاظ على الاستقرار، خاصة في ظل التحولات نحو الطاقات المتجددة التي قد تقلل من الاعتماد على النفط في المستقبل. لذا، يبقى مراقبة هذه التطورات أمرًا حيويًا للمستثمرين والاقتصاديين على حد سواء، حيث تشكل أسعار النفط مؤشرًا رئيسيًا للصحة الاقتصادية العالمية.