يُعتبر موسم الوسم من أهم الفترات المطرية في السعودية، حيث يحدث عادة في الخريف ويجلب كميات وفيرة من الأمطار التي تنعش الأراضي بعد فصل الصيف الحار والجاف. خلال هذا الموسم، يشهد المنطقة تغييرات جوية كبيرة، إذ ينتهي تأثير منخفض الهند الموسمي ويبدأ منخفض البحر الأحمر في النشاط كردة فعل لعبور الكتل الهوائية الخريفية فوق شرق البحر المتوسط وبلاد الشام ومصر، مما يؤدي إلى ظروف غير مستقرة.
موسم الوسم
في موسم الوسم، ينشأ صراع بين الكتل الهوائية الساخنة القادمة من الجنوب والكتل الخريفية الأبرد من الشمال فوق الجزيرة العربية، حيث يسيطر منخفض البحر الأحمر على هذا الصراع. عادةً، يتركز هذا المنخفض فوق منطقة حائل في بداية الموسم، مما يولد أحوال جوية غير مستقرة مدعومة بارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض وبرودة الطبقات العليا، بالإضافة إلى توفر رطوبة كافية لتشكيل السحب الركامية المطرية. هذا التنافس الجوي يعزز من هطول الأمطار، خاصة في مناطق الجزيرة العربية التي تعتمد على هذه الفترة لإعادة شحن المياه الجوفية والمساعدة في الزراعة.
ومن بين الأسباب الرئيسية لضعف موسم الوسم في بعض السنوات، يمكن ذكر تأخر وصول الكتل الهوائية الباردة والمنخفضات نحو شرق البحر المتوسط، مما يؤخر بداية الأمطار. كما يساهم انخفاض درجات الحرارة السطحية عن المعدلات المتوقعة في شهريها الرئيسين، مما يقلل من قدرة السحب الركامية على التشكل بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، يلعب دوراً قوة التيار النفاث فوق الجزيرة العربية، الذي يعيق حالات عدم الاستقرار الجوي، وقوة المنخفضات في غرب البحر المتوسط، التي تعزز هذا التيار وتضعف تأثير الوسم. هذه العوامل تجعل الموسم أقل كثافة في بعض الأعوام، مما يؤثر على توازن الموارد المائية في المنطقة.
الأمطار الخريفية
أما بالنسبة لتوقعات موسم الوسم لهذا العام، فإن التحليلات تشير إلى احتمال تأخر هطول الأمطار بشكل واسع حتى نهاية أكتوبر، بسبب ضعف وصول الكتل الهوائية الأقل حرارة نحو شرق البحر المتوسط. هذا التأخر يعني أن العديد من مناطق المملكة العربية السعودية قد لن تشهد الأمطار المعتادة في موعدها الطبيعي، مما قد يؤدي إلى جفاف أكبر في بعض المناطق. ومع ذلك، فإن هناك عوامل عالمية غير مباشرة تؤثر على هذا الموسم، مثل ظواهر النينو واللانينا وتأثيرات تذبذبات المحيطات، التي تتفاعل مع الأنظمة الجوية المحلية لتشكيل نمط الطقس. هذه الظواهر تضيف طبقة إضافية من التعقيد، حيث يمكن أن تعزز أو تضعف شدة الأمطار بناءً على شدة تأثيرها. في الختام، يظل موسم الوسم فرصة حاسمة للأراضي الجافة، لكنه يتطلب مراقبة دقيقة للظروف الجوية للاستفادة منه على أكمل وجه.
تعليقات