في عالم كرة القدم، حيث يتراقص النجوم تحت الأضواء، يواجه بعض الأبطال تحديات مالية قد تطيح بإنجازاتهم. يذكرنا قصة جون بارنز بأن الشهرة وحدها ليس كافية لمواجهة العالم الواقعي.
جون بارنز: الإفلاس رغم مجد كرة القدم
يبدو أن يوما قاتماً في تاريخ جون بارنز، النجم السابق في ليفربول و منتخب إنجلترا، عندما أعلنت المحكمة العليا في لندن إفلاسه بسبب تراكم ديون تجاوزت مليوني ونصف مليون جنيه إسترليني لشركته الإعلامية. هذا القرار، الذي نشر في “لندن غازيت”، يرسل رسالة واضحة إلى جميع نجوم الرياضة: أن الإنجازات في الملاعب لا تعفي من مخاطر الانهيار المالي. بارنز، الذي كان رمزاً لعصر الرواتب الهائلة في الثمانينيات، حيث أصبح أول لاعب إنجليزي يتقاضى 10 آلاف جنيه أسبوعياً، واجه ضغوطاً مالية كبيرة كشفت عنها سجلات التصفية. هذه الديون تشمل 777 ألف جنيه تقريباً للضرائب البريطانية، بالإضافة إلى ديون أخرى غير مضمونة تبلغ 461 ألف جنيه، وقرض من المديرين يصل إلى 226 ألف جنيه.
رغم محاولات بارنز لتسوية جزء من الديون من خلال دفعات دورية، إلا أن العجز ظل يفوق قدراته، مما أدى إلى صدور حكم الإفلاس. هذا لم يكن الحادث الأول في حياته المالية، إذ كانت قضاياه الضريبية تتصدر العناوين الصحفية منذ عام 2010، وآخرها في 2023 عندما دفع 238 ألف جنيه في اللحظة الأخيرة. خلال مسيرته الاحترافية، التي شملت 79 مباراة دولية مع إنجلترا وإحراز لقبي الدوري مع ليفربول، اعترف بارنز بأن أخطاءه المالية، مثل الثقة بالأشخاص غير المناسبين، أدت إلى خسائر تتراوح بين مليون ومليون ونصف مليون جنيه في أقل من أربع سنوات. وقال في تصريحاته: “كثير من اللاعبين الكبار يواجهون مثل هذه المشكلات، وأنا بدأت مناقشات مع هيئة الضرائب منذ 2017، حيث دفعت بالفعل 2.2 مليون جنيه وأستمر في دفع 10 آلاف جنيه شهرياً”. أكد أيضاً أنه باع كل ممتلكاته وليس لديه أصول قابلة للمصادرة، مؤكداً عدم وجود أي نية للتهرب الضريبي.
الانهيار المالي لأسطورة اللعبة
يُعتبر حكم الإفلاس على بارنز نهاية فصلاً مؤلماً في حياة رجل كان يمثل قمة الرياضة في بريطانيا، لكنه يشكل دروساً قيمة لنجوم كرة القدم والرياضة بشكل عام. في تصريحاته، لم يخفِ بارنز الجانب الإنساني، مشيراً إلى أن “كرة القدم رياضة للطبقة العاملة، ولا أريد أن يظن الناس أنني غني وأتجاهل الضرائب. حتى مع الإفلاس، سأستمر في السداد”. هذه القصة تكشف عن الوجه الخفي للنجاح الرياضي، حيث يمكن أن تؤدي الإدارة السيئة للأموال أو الاستثمارات الفاشلة إلى خسارات هائلة. على سبيل المثال، أكد بارنز أنه خسر جزءاً كبيراً من ثروته بسبب قرارات خاطئة، مما يذكرنا بأن اللاعبين، رغم أجورهم العالية، يحتاجون إلى تخطيط مالي مدروس لتجنب مثل هذه الكوارث.
في الواقع، تحول بارنز من رمز للتميز في كرة القدم إلى رمز للتحديات المالية، مما يؤكد أن النجاح في الميادين لا يضمن الاستقرار. هذا ينطبق على العديد من الرياضيين السابقين الذين واجهوا مشكلات مماثلة، حيث أظهرت الإحصاءات أن نسبة كبيرة من اللاعبين يواجهون صعوبات مالية بعد الاعتزال بسبب عدم الاستعداد للحياة بعد الرياضة. لذا، يجب على النجوم الحاليين التعلم من قصة بارنز، الذي يستمر في جهوده لتسوية ديونه رغم الإفلاس، كجرس إنذار يدعو إلى إدارة المال بكفاءة. في النهاية، تظل كرة القدم رياضة تشهد الصعود والسقوط، لكن الدرس الأكبر هو أن الحماية المالية تتطلب أكثر من مجرد هدف في الشباك.

تعليقات