تحول الكراكيب إلى فن شعبي جذاب في الشارع المصري، حيث أصبح تاجر يُعرف بـ”شاعر الروبابيكيا” رمزاً للإبداع في مهنة بيع الأشياء المستعملة. في مصر، يشير مصطلح “الروبابيكيا”، المستمد من الإيطالية للدلالة على الملابس القديمة، إلى تجارة الكراكيب أو البضائع المستعملة، التي تجوب الشوارع بأساليب تقليدية. ينطلق هذا التاجر، المصري حسام أشرف، بنداءات مسجوعة غنائية تجمع بين الإيقاع والقوافي، مثل “أغيب أغيب وأرجع ألم الكراكيب” أو “ليكي العمر الطويل… أشتري الدولاب والسرير”، محولاً روتين البيع إلى موال شعبي يلفت انتباه الجماهير، خاصة ربات البيوت، عبر منصات التواصل الاجتماعي.
شاعر الروبابيكيا… فن الكراكيب يجذب الشارع
هذه الطريقة غير التقليدية في النداء تجعل تجارة الكراكيب أكثر جاذبية، إذ تتناقل عباراته المبدعة بسرعة بين المستخدمين، الذين يحولونها إلى أغاني أو مقاطع فيديو مضحكة. في الإسكندرية، يتجول “شاعر الروبابيكيا” بسيارة ربع نقل أو عربة بسيطة، مرتلًا كلماته المنظمة بالسجع، مثل “بشتري الرخام والأهم حسن الختام”، ليثير تفاعلاً واسعًا يعكس كيف أعاد هذا الجيل الجديد للمهنة البريق الذي تلاشى مع انتشار المواقع الإلكترونية. بينما يرى البعض في ذلك ابتكارًا يحيي التراث الشعبي، يشكو آخرون من الإزعاج، إلا أن النجاح يكمن في دمج الإيقاع مع الكلمات، مما يجعل الناس يتذكرون ذكريات الماضي والأشياء القديمة بطريقة أكثر دفئًا.
تجار الكراكيب يجددون الفن الشعبي
من جانب آخر، يمثل “شاعر الروبابيكيا” امتدادًا للتراث الشعبي المصري، حيث يجمع بين فنون الزجل والموال التقليدية ليحول نداءات البيع إلى إبداع فني. في المناطق مثل الإسكندرية والقاهرة والمنوفية، يستمر تجار الكراكيب في تجوّل الشوارع بأساليب متنوعة، سواء عبر سيارات ربع نقل أو عربات خشبية، مرددين عبارات مثل “أي حاجة قديمة للبيع” أو “تلاجة قديمة… غسالة قديمة”. يؤكد الباحثون في التراث الشعبي أن هذه النداءات جزء من المأثورات الشفهية المصرية، التي تتجدد مع الزمن، كما أنها تعكس روح الدعابة والانفتاح في الثقافة المصرية، خاصة في السواحل. على سبيل المثال، يحافظ الخمسيني عصام خضر في المنوفية على النهج التقليدي، مستخدمًا ميكروفونًا قديمًا ليقول “بشتري أي حاجة قديمة”، معتبرًا أن خلف كل قطعة كراكيب حكايات وأسرار تستحق التقدير.
وبالفعل، يبرز الفارق بين الأجيال في المهنة؛ فالجيل القديم يركز على الخبرة والتقييم، كما ينصح خضر الشباب بـ”الحفاظ على الأصول”، بينما يبتكر الجيل الجديد مثل حسام أشرف إيقاعات جديدة تجمع بين التكرار والتنويع، كإطالة كلمة “قديمة” لكسر الرتابة. يرى أستاذو الاجتماع أن هذا النهج يلامس شعور النوستالجيا لدى الناس، مستلهمًا من تاريخ الباعة المتجولين في مصر، الذين كانوا يستخدمون الأهازيج للترويج. في القاهرة، على سبيل المثال، يظهر تجار آخرون يستخدمون الطبلة أو يغنون لبضاعتهم، مما يجعل الفن الشعبي حيًا ومتجددًا. هذا الإبداع ليس مجرد وسيلة للبيع بل تعبير عن الهوية الثقافية، حيث يستمر “شاعر الروبابيكيا” في جذب الجمهور بكلماته المنظومة، محولاً الكراكيب إلى رمز للإرث المصري الدائم التطور.
تعليقات