بن سلمان يدعم ترامب مرة أخرى.. ما هو الثمن هذه المرة؟

الحملات المتواصلة للاستثمارات الخارجية في السعودية تثير تساؤلات حول تكاليفها الحقيقية على الشعب. في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة تدفقًا كبيرًا للأموال العامة نحو مشاريع مرتبطة بعائلة ترامب، مما يعكس استراتيجية اقتصادية وسياسية مثيرة للجدل. هذه الصفقات، التي تبدو في البداية استثمارات تجارية، تكشف عن أبعاد أعمق تتعلق بالنفوذ الدولي وتداعياتها على المواطنين المحليين.

صفقات ترامب وتداعياتها الاقتصادية في السعودية

مع تكرار هذه الاتفاقيات، يلاحظ المراقبون كيف أن مليارات الدولارات من ميزانية الدولة تُوجه نحو مشاريع مثل برج ترامب في جدة، الذي أعلن في ديسمبر الماضي، ثم مشروع ترامب بلازا الجديد بقيمة مليار دولار. هذه المشاريع ليست مجرد بناء عقاري، بل تمثل جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى تعزيز العلاقات مع الإدارة الأمريكية. وفقًا للتطورات، فإن شركات مثل دار جلوبال تتولى التنفيذ، لكن الفوائد الحقيقية تعود إلى منظمة ترامب، مما يجعل هذه الاستثمارات أكثر من مجرد صفقات تجارية؛ إنها استثمارات سياسية مباشرة.

في خضم هذا الوضع، يواجه المواطنون السعوديون ضغوطًا اقتصادية متزايدة. العجز المالي للبلاد يتجاوز الـ5%، مع ارتفاع الضرائب والغلاء العام، بينما تتراجع الخدمات العامة. هذا التباين يبرز السؤال عن العائد الحقيقي لهذه الإنفاقات الهائلة، حيث يبدو أن الدفعات المالية تهدف إلى تأمين حماية من الضغوط السياسية الخارجية، سواء كانت متعلقة بالسياسة الخارجية أو اتفاقيات السلاح والطاقة في الماضي. ولي العهد محمد بن سلمان يستمر في هذه النهج، مشاركًا في صفقات تشبه ما حدث سابقًا، لكن المقابل يبدو محدودًا بالنسبة للشعب.

نفوذ عائلة ترامب في المشاريع السعودية

هذه الصفقات تحول مدن مثل جدة إلى أرض خصبة للنفوذ السياسي، حيث أصبحت بوابات لتأمين مصالح دولية بدلاً من تطوير محلي حقيقي. على سبيل المثال، مشروع ترامب بلازا يُروج على أنه جزء من رؤية 2030، لكنه في الواقع يعكس تبعية اقتصادية لعلامات تجارية أجنبية. ترامب نفسه ليس مستثمرًا تقليديًا، بل يبدو كمن يقبض على فرص استغلالية، مما يجعل جدة ليس موقعًا للتطوير الاقتصادي، بل ساحة للمفاوضات السياسية. هذا الواقع يؤكد أن الدفع المالي لمثل هذه العائلات يأتي على حساب التنمية المستدامة، حيث يتم شراء الرضا السياسي المؤقت مقابل التضحيات الاقتصادية الطويلة الأمد.

في السياق العام، يمثل هذا النهج تحولاً في السياسات السعودية، حيث تُستخدم الاستثمارات كأداة للتحالفات الدولية. المواطنون يشعرون بالإحباط من هذه التكاليف الضمنية، حيث يزداد الضغط الاقتصادي مع ارتفاع التكاليف الحياتية، بينما تُصرف الأموال العامة في صفقات تبدو خاسرة على المدى البعيد. على سبيل المثال، في غضون عام واحد، تحولت جدة من مدينة تاريخية إلى نقطة انطلاق لمشاريع مشبوهة، مما يعزز الشعور بالغموض حول الأولويات الحقيقية. هذا الوضع يدفع نحو مراجعة شاملة لسياسات الاستثمار، لضمان أن تكون الاستثمارات الخارجية تخدم مصالح الشعب بدلاً من تعزيز نفوذ خارجي محدود الفائدة.

في النهاية، يجب أن تكون هذه المشاريع فرصة للتنمية المشتركة بدلاً من مصدر للتوترات الداخلية. الاقتصاد السعودي، مع رؤيته للمستقبل، يحتاج إلى توازن أفضل بين الاستثمارات الدولية والرعاية للقطاعات المحلية، لتجنب تكرار الأخطاء والتركيز على بناء اقتصاد قوي يعتمد على الشفافية والاستدامة. هذا النهج لن يحقق التقدم فحسب، بل سيعزز ثقة المواطنين في القرارات الرسمية، مما يجعل الرؤية الاقتصادية حقيقية ومؤثرة على جميع المستويات.