صرح دبلوماسيان حاليان وسابقان بأن حركة “حماس” قد لا تقبل اقتراح إدارة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة دون تعديلات جوهرية. هذا الرأي يعكس التعقيدات السياسية والأمنية في المنطقة، حيث تشير التقارير إلى استمرار التوترات وصعوبة الوصول إلى اتفاق شامل.
حماس ورفض الاقتراحات للتهدئة
في سياق التطورات الأخيرة، أكدت باربرا ليف، الدبلوماسية السابقة التي عملت في وزارة الخارجية الأمريكية، أن حركة “حماس” من غير المحتمل أن توافق على خطة الإدارة الأمريكية لوقف الإطلاق دون قيود. وقد نشرت البيت الأبيض مؤخراً خطة تضم عشرة نقاط رئيسية تهدف إلى إنهاء الصراع، لكن ليف أشارت إلى أن الحركة ستلجأ إلى تعديلات حاسمة. وفقاً لتصريحاتها، فإن “حماس” تعارض بشدة أي شرط يتعلق بنزع السلاح، معتبرة أن ذلك يمس بقدراتها الدفاعية. كما أكدت ليف أن الحركة غير مستعدة لتسليم جميع الرهائن أو رفاتهم دفعة واحدة، حيث ترى فيهم أداة تفاوضية حاسمة.
وتقول ليف، التي شغلت سابقاً منصباً دبلوماسياً بارزاً، إن القيادة في “حماس” تواجه تحديات داخلية تجعل من الصعب الالتزام بالشروط المطلوبة. على سبيل المثال، هناك انقسام واضح بين الجناح السياسي المقيم في الخارج، مثل الدوحة، والجناح العسكري المتمركز في غزة. هذا الانقسام يعيق الضغط على العناصر الميدانية، حيث يشعر الفريق في غزة بأنه يمتلك زمام المبادرة، مما يجعل من غير الممكن فرض اتفاق من الخارج دون موافقة داخلية. وأضافت ليف أن “حماس” قد لا تمتلك السيطرة التامة على جميع الرهائن، سواء الأحياء أو الرفاة، مما يعقد عملية الإفراج عنهم، خاصة في حالة البحث عن الرفات التي قد تكون متداخلة مع المواقع العسكرية.
بالإضافة إلى ذلك، شددت ليف على أن الحركة ترفض فكرة نشر قوة أمنية دولية، سواء كانت عربية أو إسلامية، معتبرة إياها شكلاً آخر من أشكال الاحتلال. هذا الرفض يعكس مخاوف أعمق تتعلق بالسيادة والاستقلال، حيث أكدت أن “حماس” مصممة على الحفاظ على سلاحها تحت أي ظرف. رغم ذلك، ترى ليف أن هناك فرصة للتفاوض، حيث يمكن تعديل الاقتراح باستخدام مصطلحات دبلوماسية فنية، مثل تحويل الشروط إلى “تحسينات” أو “توضيحات”، لجعلها أكثر جاذبية. هذا النهج يتطلب مهارة في صياغة الاتفاقيات لتجنب التصادم المباشر مع مطالب الحركة.
في السياق نفسه، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنjamin نتنياهو قد سعى مؤخراً إلى تهيئة بعض التفاصيل العملية في الاقتراح، مما يعزز من إمكانية التوصل إلى تسوية. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر في كيفية دمج مصالح جميع الأطراف دون التنازل عن المبادئ الأساسية. إن هذه الديناميكية تبرز تعقيد النزاع في غزة، حيث يتداخل الجانب الأمني مع السياسي والإنساني، مما يجعل من الضروري استكشاف خيارات جديدة للسلام.
تحديات التفاوض مع المجموعات المقاومة
من جانب آخر، تشير الملاحظات إلى أن التفاوض مع مجموعات مثل “حماس” يواجه صعوبات متعددة، بما في ذلك الاستخدام الاستراتيجي للرهائن كأداة ضغط. في مقابلاتها، أوضحت ليف أن الحركة قد تستغل النقاط الغامضة في الاقتراح لفرض تعديلات، مثل تأجيل تسليم الرهائن أو تعديل شروط نزع السلاح. هذا النهج يعكس استراتيجية عامة في الصراعات المشابهة، حيث يسعى الطرف المعني إلى الحفاظ على ميزاته التفاوضية. كما أن الانقسام الداخلي داخل “حماس” يضيف طبقة إضافية من التعقيد، إذ يصعب على القيادة الخارجية فرض اتفاق على الجناح العسكري، الذي يشعر بأمان نسبي تحت الأرض.
في الختام، يبقى الأمل معلقاً على إمكانية التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، رغم التحديات. يتطلب ذلك جهوداً دبلوماسية مكثفة لتغطية الفجوات في الاقتراح الأمريكي، مع التركيز على بناء الثقة والتوصل إلى حلول عملية. إن نجاح مثل هذه المفاوضات يمكن أن يفتح الباب لاستقرار أكبر في المنطقة، ولكن ذلك يعتمد على قدرة الجميع على التغلب على الخلافات العميقة.
تعليقات