المملكة العربية السعودية أظهرت دورها البارز في مجال الطيران المدني من خلال مشاركتها الفعالة في الجمعية العامة الـ42 لمنظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)، حيث قدمت 31 ورقة عمل ومعلومة متخصصة تغطي جوانب حيوية مثل الابتكار، السلامة، الاستدامة، الأمن، الجودة، والنقل الجوي. هذه المساهمات جاءت خلال الفترة من 23 سبتمبر إلى 3 أكتوبر في مدينة مونتريال الكندية، وترأس الوفد السعودي معالي وزير النقل والخدمات اللوجستية المهندس صالح بن ناصر الجاسر، بمشاركة معالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عبدالعزيز بن عبدالله الدعيلج وعدد من المسؤولين. هذه الجهود تعكس التزام المملكة بتعزيز القطاع الجوي عالميًا، مع التركيز على تحقيق أهداف استراتيجية تتوافق مع رؤية 2030.
مشاركة المملكة العربية السعودية في الطيران المدني
في هذا السياق، أكد رئيس الهيئة العامة للطيران المدني أن الأوراق المقدمة تبرز الدور الريادي للمملكة في تطوير قطاع الطيران، حيث تركز على جوانب الأمن، السلامة، تطوير المطارات، تسهيلات السفر، وخفض الانبعاثات الكربونية. هذه المبادرات تأتي في إطار سعي المملكة لتحويل نفسها إلى مركز لوجستي عالمي، مما يعزز من قدرتها على مواجهة التحديات العالمية في هذا القطاع. على سبيل المثال، ناقشت إحدى الأوراق دور الرحلات الإنسانية والإغاثية، حيث قدمها محمد العصيمي، وأبرز كيفية استخدام الطيران للاستجابة السريعة إلى الكوارث، مع دعوة إلى إزالة العوائق أمام هذه الرحلات. كما اقترحت ورقة أخرى إعداد دليل رقابي موحد لتسهيلات النقل الجوي، لمساعدة الدول على تقييم أداء مطاراتها وفق معايير الإيكاو. هذه الاقتراحات ليست مجرد أفكار نظرية، بل تعكس تجارب عملية ساهمت في تعزيز البنية التحتية الجوية في المملكة، مثل تحسين آليات التنظيم والسلامة لضمان استدامة القطاع.
تطور النقل الجوي في المملكة
بالإضافة إلى ذلك، تناولت الأوراق المقدمة مواضيع متنوعة أخرى، مثل اعتماد مقدمي خدمات الملاحة الجوية، الذي طرحه الكابتن سليمان المحيميدي، واقترح إعداد مواد إرشادية لدعم الدول في تنظيم هذه الخدمات. كما ركزت ورقة أخرى على تجربة المسافر، حيث أكد المهندس عبدالعزيز الدهمش أهمية تضمين مؤشرات أداء دولية تشمل جودة الخدمات في المطارات، مما يساهم في تحسين تجربة الركاب. في مجال الأمن، ناقش محمد الفوزان موضوع أمن الشحن والتنقل الجوي المتقدم، مستعرضًا تجارب المملكة في أتمتة مراقبة الشحن والتعامل مع التحديات المستقبلية مثل الهجمات السيبرانية والطائرات بدون طيار. أما في الجانب الاقتصادي، فقد استعرض عسكر العنزي البيئة التنظيمية، مع التركيز على التحديثات التي عززت الاستثمارات في سوق النقل الجوي السعودي. هذه الجهود المتكاملة تؤكد أن المملكة تسير بخطى واثقة نحو تحقيق أهدافها الطموحة، بما في ذلك رفع عدد المسافرين إلى 330 مليون سنويًا، زيادة الوجهات الدولية إلى أكثر من 250 وجهة، وتحقيق طاقة شحن تصل إلى 4.5 ملايين طن بحلول عام 2030. هذه الاستراتيجيات ليس فقط تعزز التنافسية الدولية للمملكة، بل تكمل جهودها في دعم الاستدامة البيئية والأمنية، مما يجعلها نموذجًا يحتذى في قطاع الطيران المدني. بالفعل، هذه المشاركة تظهر كيف يمكن للابتكار والتعاون الدولي أن يحول التحديات إلى فرص، مما يدعم نمو الاقتصاد الوطني ويسهم في بناء مستقبل أكثر أمانًا وكفاءة.
تعليقات