المتحف المصري بالتحرير يباشر مشروع ترميم تاريخي لجدران “نفر-ماعت” لإعادة إحياء فنون الدولة القديمة.
ترميم جدار نفر-ماعت
يشكل مشروع ترميم جدار نفر-ماعت من بين أبرز الجهود التي قادتها قسم الترميم والصيانة في المتحف المصري بالتحرير، حيث يركز على حفظ نموذج فني ومعماري نادر يرجع إلى عصر الدولة القديمة. يهدف هذا المشروع إلى استعادة النقوش الضخمة المأخوذة من مصطبة نفر-ماعت وزوجته إتت، مع الالتزام بتعزيز الحفاظ على هذه القطع الفريدة التي تُعرض دائمًا في الطابق الأرضي من المتحف، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من التراث المصري الذي يروي قصص العصور القديمة ويعكس الابتكار في الفنون البصرية.
إحياء التراث الفني
يُمثل نفر-ماعت، ابن الملك سنفرو من الأسرة الرابعة (2575-2551 ق.م)، شخصية تاريخية دفن في مصطبة واسعة بمنطقة ميدوم، حيث تم الكشف عن النقوش الفريدة هذه خلال الحفائر التي أجراها عالم الآثار الإنجليزي فليندرز بيتري في الفترة بين عامي 1871 و1892. هذه القطع المحفوظة في المتحف المصري تعتبر من أغلى الكنوز الفنية بسبب استخدام تقنية التطعيم النادرة، التي تجمع بين الدقة والإبداع الفني في الحجر الجيري. تعبر هذه النقوش عن مجموعة متنوعة من المشاهد، بما في ذلك نفر-ماعت وهو يستقبل القرابين في الحياة الآخرة، إلى جانب صور حية للحياة اليومية مثل صيد الحيوانات والأنشطة الزراعية، مما يقدم منظورًا ثريًا على عادات المجتمع الفرعوني في ذلك الزمان.
تُظهر النقوش هذه المهارة الفنية المعقدة، حيث يتم نحت الأشكال على الحجر الجيري ثم ملؤها بعجينة ملونة، ومع الأسف، فقد تأثرت هذه العجينة مع مرور الزمن بالتشقق والتآكل، مما دفع إلى ترك هذا النهج الفني تدريجيًا. لكن فريق الترميم المتخصص في المتحف المصري بالتحرير قام بعمل مكثف لاستعادة هذه التحف الثمينة، من خلال إجراء اختبارات دقيقة لتنظيف النقوش بعناية وتعزيز ما تبقى من العجينة الملونة، الأمر الذي أعاد إلى الضوء تفاصيل مذهلة وأكد على أهمية هذه القطع في فهم تطور الفنون المصرية القديمة. هذه الجهود تضمنت استخدام تقنيات حديثة لتعزيز الاستدامة وضمان عرض آمن، مما يفتح أبوابًا جديدة للبحث والتعليم حول الإرث الثقافي، ويساهم في إلهام الأجيال القادمة بقصص الحضارة المصرية ودورها في تطور الفن العالمي.
تعليقات