في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية، يبرز تحليل الدكتور منذر الحوارات لخطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإنهاء النزاع في غزة كعنصر أساسي في فهم المستقبل الإقليمي. يرى الخبير السياسي والاستراتيجي أن الخطة تركز على أربع نقاط رئيسية تشكل أساسها، بدءاً من وقف إطلاق النار كخطوة أولى حاسمة، مروراً بالإفراج عن الأسرى ضمن اتفاقيات أولية، وصولاً إلى ترتيبات أمنية لتعزيز الاستقرار، وتقديم المساعدات الإنسانية لإعادة الإعمار، مع التركيز على التنمية الاقتصادية كهدف نهائي.
خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة
يؤكد الدكتور الحوارات في حديثه أن هذه الخطة تفرض شروطاً صارمة، مثل جعل غزة منطقة خالية تماماً من التطرف والإرهاب لضمان عدم تهديد الجيران، مما يتطلب سلسلة من الإجراءات المتتالية. يبدأ الأمر بإخراج حركة حماس من القطاع بشكل كامل، تليها عملية نزع سلاحها، ويختم بإنهاء وجودها نهائياً، وهو ما يعكس بشكل واضح الموقف الإسرائيلي تجاه الحركة. في السياق نفسه، يشدد على أهمية إعادة تنمية غزة من أجل سكانها دون اللجوء إلى التهجير، معتبراً ذلك نقطة محورية تتجاوز الجوانب الأمنية لتشمل الاستدامة الإنسانية والاستراتيجية.
ومع ذلك، يلفت إلى أن وقف الحرب لن يكون فورياً أو غير مشروط، بل مرتبط بموافقة الطرفين، خاصة حماس، مما قد يعيق التنفيذ بسبب الرفض المحتمل من بعض الفصائل. يصف هذا الشرط كحافز محتمل، لكنه يواجه تحديات كبيرة، حيث قد يتضمن تبادل الأسرى أرقاماً كبيرة تصل إلى 1700 معتقل، بما في ذلك قيادات بارزة، وهو أمر قد يواجه معارضة من اليمين الإسرائيلي. كما يتساءل عن مصير هؤلاء الأسرى، سواء بقاؤهم في غزة أم إخراجهم، مع الإشارة إلى أن الخطة تشمل العفو عن عناصر حماس الراغبين في التسليم، وهي خطوة قد تؤدي إلى انقسام داخلي بسبب اتهامات الخيانة.
أما بالنسبة للمساعدات الإنسانية، فهي تعتبر أداة ضغط في الخطة، حيث ستوظف عبر الأمم المتحدة لإنهاء السيطرة الإسرائيلية المباشرة، لكنها مرتبطة بالاستقرار الأمني الذي يبدو صعباً التحقيق. ينتقد الحوارات اقتراح لجنة تكنوقراطية فلسطينية برعاية دولية لإدارة غزة، معتبراً أنها تضعف الشرعية الفلسطينية وتعزز التدخل الدولي على حساب السيادة. كذلك، يرى أن الخطط الاقتصادية للإعمار ستكون مرتبطة بإزالة الحصار البحري الإسرائيلي، الذي لم تتطرق الخطة إلى رفعه، مما قد يؤدي إلى تأجيل الإعمار ودفع الناس نحو الهجرة الطوعية.
استراتيجية تفكيك التنظيمات مقابل ضمانات غامضة
في جانب آخر، يصف بند نزع السلاح لحماس كشبه مستحيل عملياً، مقترحاً صياغته كـ”تسليم سلاح” ليكون أكثر قبولاً، مع التشكيك في جدية الضمانات الإقليمية المقدمة، سواء من مصر أو قطر أو الأردن، مقابل ضمانات أمريكية لإسرائيل. يحذر من أن الانسحاب الإسرائيلي التدريجي قد يبدو وعوداً مؤجلة مقابل تنازلات فورية من حماس، مما يثير الشكوك. إذا رفضت حماس الخطة، فقد تفرض إسرائيل أمراً واقعاً يؤدي إلى تقسيم غزة، وهو سيناريو خطير يعمق الانقسام. كما يرى أن بنود مثل حوار الأديان والتسامح تحتاج إلى عقود طويلة، بينما ربط التنمية بالإصلاح السياسي يفرض تنازلات فلسطينية دون مطالب مشابهة لإسرائيل.
الجانب الإيجابي الوحيد، حسب تحليله، هو إعادة إحياء حوار سياسي فلسطيني–إسرائيلي تحت ضغط دولي، لكنه يؤكد أن المشهد معقد جداً، وأن حماس تواجه ضغوطاً زمنية شديدة للوصول إلى اتفاق سياسي، حيث قد تنتهي الفرصة في غضون 48 ساعة. في الختام، يبرز الحوارات أن نجاح الخطة يعتمد على توازن دقيق بين التنازلات والضمانات، لكن التحديات الأمنية والسياسية تجعلها رهينة للأحداث الميدانية.
تعليقات