في 3 أكتوبر 1973: الصحف تنشر معلومات خاطئة بينما الجيش يتأهب للعمل!

في الفترة التي سبقت اندلاع حرب أكتوبر عام 1973، كانت الصحافة المصرية تعكس مزيجاً من الاهتمامات السياسية والاجتماعية والثقافية، حيث ركزت على قضايا بعيدة عن التوترات العسكرية الوشيكة. هذه الأيام كانت مليئة بالأحداث التي تشير إلى توتر متزايد، لكن الصحف حولت الأنظار نحو محادثات دولية وشؤون داخلية، مما يذكرنا بكيفية استخدام الإعلام لتشكيل الرأي العام في لحظات تاريخية حاسمة.

صحافة مصرية في 3 أكتوبر 1973

في ذلك اليوم تحديداً، نشرت الصحف المصرية مانشيتات متنوعة تجنبت لفت النظر إلى التهديدات العسكرية المحدقة، مقدمة بذلك صورة يومية عادية رغم اقتراب ساعة القرار. على سبيل المثال، تناولت جريدة الجمهورية حديثاً مطولاً مع شاه إيران رضا بهلوي، الذي ناقش أهمية سياسة متوازنة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مما عكس الجهود الدبلوماسية لمصر في تلك المرحلة. كما أبرزت الأخبار الجولات الرسمية للمسؤولين المصريين إلى عواصم عربية وأجنبية، حيث طرحت تساؤلات ضمنية حول أهداف هذه الزيارات، سواء كانت لجمع الدعم الدولي أو تشتيت انتباه الخصوم الإسرائيليين.

علاوة على ذلك، ركزت الصحافة على الشؤون الداخلية، مدحة قرار الرئيس أنور السادات بسحب قضية مظاهرات الطلاب في الجامعات، والتي كانت تعبر عن الغضب الشعبي من حالة “اللاحرب واللاسلم”. هذا القرار ظهر كخطوة لتهدئة الاحتقان الداخلي، مما جعل الرئيس يبدو كأنه يبتعد عن أي توجه عسكري، على الرغم من أن الوقت كان يقترب من بداية العمليات. في المجال الثقافي، لم تنسَ الصحف ذكر أخبار الفن، مثل بروفات الفنانة شادية لأغنية جديدة بكلمات عبد الوهاب محمد وألحان حلمي بكر، مما أضاف لمسة من الخفة إلى الصفحات.

أما في عالم الرياضة، فقد احتوت الصحف على إعلانات حول اجتماع اتحاد الكرة في 8 أكتوبر 1973، بالإضافة إلى استعدادات الاتحاد السكندري لمواجهة الزمالك في 5 أكتوبر، وهو ما كان قبل اندلاع الحرب بأقل من يومين. كذلك، أعلن النادي المصري البورسعيدي عن تعاقده مع مدرب أجنبي، مما يعكس الحيوية الرياضية رغم الظروف السياسية المشحونة. بهذه الطريقة، كانت الصحافة المصرية توجّه الأضواء نحو هذه المواضيع اليومية، في حين كان الجيش يستعد سراً للعبور التاريخي الذي غير مجرى الصراع في المنطقة، مشكلاً لحظة تحول في تاريخ مصر والشرق الأوسط.

الإعلام المصري قبل المواجهة الكبرى

مع اقتراب الذكرى الثانية والخمسين لحرب أكتوبر، يبرز دور الإعلام في تلك الفترة كأداة لإدارة التوقعات والحفاظ على السرية. الفيديو الذي نشرته قناة الوثائقية يلقي الضوء على كيف كانت الصحف تغطي الأحداث بعيداً عن الجبهة، مما يعزز فهم السياق التاريخي. على سبيل المثال، ركز المعلق في الفيديو على أن يوم 3 أكتوبر كان نقطة تحول خفية، حيث كانت الزيارات الدبلوماسية جزءاً من استراتيجية أوسع لجمع الدعم وتجنيب العدو اليقظة الكاملة. هذا النهج للصحافة لم يكن عفوياً، بل جزء من خطة أكبر للحفاظ على الاستعدادات العسكرية في السر، مع التركيز على قضايا مثل السياسة الخارجية والشؤون الداخلية لتعزيز الروح المعنوية.

في الوقت نفسه، كانت هذه التقارير تعكس الحياة اليومية للمواطنين، حيث اختلطت أخبار الفن والرياضة مع الشؤون السياسية، مما يذكرنا بأن الشعب المصري كان يعيش لحظات عادية قبل اندلاع المعركة. هذا التوازن في الإعلام يبرز كيف أدت الحرب إلى تغيير جذري، حيث تمكن الجيش المصري من تحطيم خط بارليف وإنهاء الأسطورة الإسرائيلية. باختصار، كانت الصحافة أداة للتمويه والتعبير عن الواقع المتعدد الأبعاد، مما يجعل دراستها ضرورية لفهم السياق التاريخي الكامل لهذه الفترة.