نمو اقتصاد أبوظبي غير النفطي بـ6.6% في الربع الثاني: أفضل أداء فصلي على الإطلاق
المقدمة
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، يظل إمارة أبوظبي نموذجًا للتنويع الاقتصادي الناجح. أعلنت الهيئات الرسمية مؤخرًا عن تحقيق نمو قياسي في الاقتصاد غير النفطي، حيث بلغ 6.6% في الربع الثاني من العام 2023، وهو ما يُمثل أعلى معدل نمو فصلي في تاريخ الإمارة. هذا الإنجاز ليس مجرد رقم إحصائي، بل دليل على نجاح استراتيجيات التنويع التي تسعى أبوظبي لتقليل الاعتماد على قطاع النفط، وتعزيز الاستدامة الاقتصادية. في هذا التقرير، نستعرض أبرز التفاصيل حول هذا النمو، أسبابه، وتأثيره على مستقبل الإمارة.
خلفية النمو الاقتصادي غير النفطي
يعرف الاقتصاد غير النفطي بأنه مجموع النشاطات الاقتصادية التي لا تعتمد على استخراج وتصدير النفط، مثل القطاعات السياحية، الخدمات المالية، التكنولوجيا، التصنيع، والتجارة. في أبوظبي، يُمثل هذا القطاع عمودًا رئيسيًا في خطة “رؤية 2030” للإمارة، التي تهدف إلى تحويل الاقتصاد إلى نموذج مبني على المعرفة والابتكار. وفقًا لتقرير هيئة الإحصاء الوطني في أبوظبي، شهد الاقتصاد غير النفطي نموًا سنويًا متوسطًا يتجاوز 4% في السنوات الأخيرة، لكن معدل 6.6% في الربع الثاني يتجاوز جميع التوقعات السابقة.
لقد كان الربع الثاني (أبريل حتى يونيو 2023) فترة استثنائية، حيث سجل النمو هذا أعلى مستوى تاريخي منذ بداية تسجيل البيانات الاقتصادية في الإمارة. للمقارنة، بلغ النمو غير النفطي في الربع الثالث من عام 2022 حوالي 4.5%, مما يبرز التقدم الكبير الذي حققته أبوظبي. هذا الإنجاز يعزى جزئيًا إلى الجهود الحكومية لدعم القطاعات غير النفطية، مثل إطلاق مشاريع كبيرة في مجال الطاقة المتجددة والسياحة، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية.
أسباب الارتفاع إلى 6.6%
يعود السبب الرئيسي لانفجار النمو في الربع الثاني إلى عدة عوامل مترابطة:
-
الإصلاحات الاقتصادية: قامت حكومة أبوظبي بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات، مثل تسهيل عمليات الاستثمار وتقليل الإجراءات البيروقراطية. على سبيل المثال، أدى إنشاء المناطق الحرة ومشاريع مثل “ماسدار سيتي” في مجال الطاقة المتجددة إلى زيادة الاستثمارات في القطاعات التقنية بنسبة 15% مقارنة بالربع السابق.
-
تأثير القطاعات الرئيسية: ساهمت القطاعات غير النفطية بشكل كبير في هذا النمو. على سبيل المثال، زاد قطاع السياحة بنسبة 9% بفضل عودة الزوار الدوليين بعد جائحة كوفيد-19، حيث شهدت أبوظبي ارتفاعًا في عدد السياح بنحو 20% في الربع الثاني. كما أن قطاع الخدمات المالية والتجاري شهد نموًا قويًا، مدعومًا بصفقات استثمارية كبيرة بلغت قيمتها أكثر من 10 مليارات دولار.
-
العوامل الخارجية: على الرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي، إلا أن أبوظبي استفادت من اتفاقيات التجارة الحرة مع دول مثل الهند والصين، مما زاد من حجم الصادرات غير النفطية. كما ساهم انخفاض أسعار النفط نسبيًا في تشجيع الشركات على التركيز على القطاعات الأخرى.
وفقًا لتقرير البنك المركزي الإماراتي، يُعتبر هذا النمو دليلاً على قدرة الإمارة على التكيف مع التغيرات العالمية، حيث قال المدير التنفيذي للهيئة الاقتصادية في أبوظبي: “إن هذه الأرقام تعكس التزامنا بالتنويع، وهي خطوة حاسمة نحو تحقيق اقتصاد قوي ومستدام”.
التأثير على الاقتصاد والمستقبل
يُعد هذا النمو أكثر من مجرد إنجاز رقمي؛ إنه يعزز الاستقلالية الاقتصادية لأبوظبي ويقلل من تأثير تقلبات أسعار النفط. بالفعل، ساهم النمو غير النفطي في زيادة معدل البطالة إلى مستويات منخفضة، حيث بلغت نسبة البطالة في الإمارة أقل من 2%، بالإضافة إلى خلق آلاف الوظائف في القطاعات الناشئة. كما أن هذا التقدم يدعم أهداف الاستدامة البيئية، حيث يركز على الطاقة المتجددة وتقليل انبعاثات الكربون.
من جانب المستقبل، يتوقع خبراء أن يستمر هذا الزخم، مع توقعات بأن يرتفع النمو غير النفطي إلى أكثر من 7% في الربع الرابع من 2023. ومع ذلك، تشير بعض التحليلات إلى ضرورة الاستمرار في الإصلاحات لمواجهة التحديات مثل التضخم العالمي والتغيرات المناخية. في الختام، يمكن القول إن أبوظبي تقف على عتبة عصر جديد، حيث يصبح الاقتصاد غير النفطي محركًا رئيسيًا للنمو، مما يجعلها قدوة للدول الناشئة في المنطقة.
خاتمة
إن تحقيق نمو قدره 6.6% في الاقتصاد غير النفطي لأبوظبي في الربع الثاني يمثل لحظة فارقة في تاريخ الإمارة، وهو دليل قاطع على نجاح الاستراتيجيات الوطنية. مع استمرار التركيز على الابتكار والتنويع، من الممكن أن تشهد أبوظبي نموًا أكبر في المستقبل، مما يعزز مكانتها كمركز اقتصادي عالمي. في ظل هذه الإنجازات، يبقى السؤال: هل ستواصل أبوظبي هذا الزخم لتحقيق رؤيتها الطموحة؟ الإجابة تكمن في الجهود المستمرة لجعل الاقتصاد أكثر مرونة وشمولية.
تعليقات