خبير موارد مائية يكشف: فيضانات السودان تبرز فشل إدارة السد الإثيوبي – فيديو حصري

في الآونة الأخيرة، أثار الدكتور نادر الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، مخاوف حول تأثير إدارة السد الإثيوبي على المنطقة، خاصة مع وقوع فيضانات السودان. يركز حديثه على كيف أدى سوء التقدير في إدارة السد إلى تزايد مخاطر الفيضانات، مما يبرز الحاجة إلى خبرات فنية أكثر احترافية. هذا الوضع يعكس التوترات الإقليمية حول موارد المياه، حيث يُعتبر السد الإثيوبي نقطة خلاف رئيسية بين مصر وأثيوبيا.

فيضانات السودان وفضح إدارة السد الإثيوبي

يشير الدكتور نادر الدين إلى أن الأسباب الرئيسية لفيضانات السودان ترتبط بسياسات أثيوبيا في إدارة السد الإثيوبي، حيث قامت بحجز كميات هائلة تصل إلى 75 مليار متر مكعب من المياه دون تقدير مناسب لمخاطر الفيضانات. هذا الإجراء، وفقًا لما ذكره، يعكس نقص الخبرة في التعامل مع السدود الكبيرة، خاصة أن مصر قد عرضت خلال المفاوضات السابقة مشاركة خبراتها في إدارة السد العالي، الذي يحتوي سعة تزيد عن 162 مليار متر مكعب، أي ضعف حجم السد الإثيوبي تقريبًا. هذا العرض كان يهدف إلى ضمان إدارة آمنة تجنب الكوارث البيئية والإنسانية، لكن الجانب الأثيوبي فضل التمسك بنظرية المؤامرة، مما أدى إلى رفض أي تعاون مشترك مع إدارة مصرية أو حتى سودانية.

من جانب آخر، يؤكد الدكتور نادر الدين أن هناك خطوات أساسية كان يجب اتخاذها لتجنب هذه الفيضانات. على سبيل المثال، كان على أثيوبيا أن تبدأ في إفراغ كميات من المياه ابتداءً من شهر يونيو، مع بداية موسم الأمطار، ثم زيادة ذلك خلال يوليو وأغسطس، حيث يصل المنسوب إلى أعلى مستوياته، واستمرار ذلك في سبتمبر وأكتوبر. هذا الإجراء الوقائي كان سيقلل من الضغط على المناطق السودانية المجاورة، ويحمي السكان من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الفيضانات. في الواقع، يتجاوز الأمر مجرد مشكلة فنية، حيث يتعلق بصيانة التوازن البيئي لنهر النيل، الذي يؤثر على ملايين الأشخاص في مصر والسودان.

تحديات إدارة المياه في السدود الكبرى

في سياق أوسع، تبرز تحديات إدارة المياه في السدود الكبرى كنقطة حاسمة في الصراعات الإقليمية. يرى الدكتور نادر الدين أن رفض أثيوبيا الاستفادة من الخبرات الدولية، مثل تلك التي توفرها مصر من خلال سد أسوان، يعزز من مخاطر الانهيار البيئي والاقتصادي. هذه السدود، مثل سد النهضة، تتطلب استراتيجيات متكاملة تشمل مراقبة دقيقة لمستويات المياه، وتوقعات للأمطار، وتنسيق دولي لتجنب الكوارث. على سبيل المثال، في حالة فيضانات السودان، كان يمكن أن يساهم تعاون مشترك في تقليل الآثار السلبية، مثل إغراق المناطق الزراعية أو تهجير السكان. هذا النوع من الإدارة يتطلب نهجًا علميًا يأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية، مثل زيادة كثافة الأمطار في السنوات الأخيرة، والتي أصبحت أكثر تكرارًا بسبب الاحترار العالمي.

مع ذلك، يظل الجدل حول إدارة السد الإثيوبي يعكس أبعادًا سياسية واقتصادية، حيث يرى البعض أن أثيوبيا تهدف إلى تعزيز سيادتها على موارد المياه، لكن ذلك يأتي على حساب الدول المجاورة. في مصر، على وجه الخصوص، يُعتبر تأمين تدفق النيل أمرًا حيويًا للزراعة والإمدادات المائية، مما يجعل أي خطأ في الإدارة الإثيوبية يهدد الاستقرار الإقليمي بأكمله. لذا، يدعو الدكتور نادر الدين إلى ضرورة إعادة فتح حوارات دولية محايدة، ربما تحت مظلة منظمات مثل الأمم المتحدة، لصياغة اتفاقيات تضمن إدارة مستدامة للسدود. هذا النهج لن يحل المشكلة فحسب، بل سيعزز التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات المشتركة، مثل نقص المياه وتغير المناخ.

في الختام، تظل فيضانات السودان دليلاً حيًا على أهمية الخبرة والتنسيق في إدارة الموارد المائية، خاصة في منطقة حساسة مثل حوض نهر النيل. من خلال تبني استراتيجيات أكثر احترافية، يمكن تجنب مثل هذه الكوارث مستقبلًا، وتعزيز السلام الإقليمي من خلال استغلال الموارد بشكل متوازن ومسؤول.