شهد عالم الموضة تحولاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث أصبح مفهوم ارتداء الأزياء من خلال “النظرة الأنثوية” أكثر أهمية وانتشاراً. ظهر هذا الاتجاه لأول مرة في عام 1975 من خلال الباحثة البريطانية لورا مولفي، التي ركزت على كيفية تصوير النساء من منظور ذكوري في السينما، ثم امتد هذا المفهوم إلى صلب صناعة الأزياء. اليوم، يبرز هذا التحول في خيارات التصميم، لكنه يواجه تحديات في الواقع العملي، حيث يسيطر الرجال على معظم المناصب القيادية في دور الأزياء الفاخرة.
تعيين لويز تروتر في بوتيغا فينيتا
في هذا السياق، يُعدّ تعيين المصممة البريطانية لويز تروتر كمديرة إبداعية لدار بوتيغا فينيتا خطوة تاريخية. انضمت تروتر إلى الدار في يناير 2024، وسرعان ما أثبتت وجودها من خلال عرضها الأول خلال أسبوع الموضة في ميلانو. جاء العرض في مقر الدار التقليدي في بيازال لودي، حيث ركزت على بساطة الديكور ليتركز الاهتمام بالكامل على الأزياء. كان المقاعد مصنوعة من زجاج مورانو الملون، مع حضور نجوم مثل جوليان مور وأوما ثورمان، مما أضاف لمسة من الإثارة. هذا العرض لم يكن مجرد عرض أزياء عادي، بل تعبيراً عن هوية الدار كمتجر حرفي فينيسي أسسه ميكيلي تادي ورينزو زينغيارو في فيتشنزا قبل 59 عاماً، مع الحفاظ على الحرفية الإيطالية في كل قطعة.
ركزت تروتر في مجموعتها على عناصر أساسية مثل الأحذية المتنوعة والحقائب الجلدية المنسوجة بتقنية إنتريتشياتو، دون أي شعارات بارزة، لتعكس الأناقة الهادئة التي تميز العلامة. أبرزت حملتها الإعلانية لعام 2025 أيدي الحرفيين وسفراء مثل تايلر ذا كرياتور وزادي سميث، مما يؤكد على الاهتمام بالتفاصيل والجودة العالية. المجموعة تضمنت قطعاً عملية وأنيقة مثل المعاطف الجلدية والجاكار، بالإضافة إلى ابتكارات مثل القمصان اللامعة بلونين جريئين كالأصفر الفاتح والأحمر الناري. كما شملت تصاميم تفاعلية، مثل التنانير المزينة بشرائط لامعة تتمايل مع حركة العارضات، مع الحرص على أن تكون الملابس مريحة ومتوازنة، تتخذ شكل منحوتات ناعمة دون الالتصاق بالجسم.
هذا النهج يعكس رؤية تروتر الخاصة، مستوحاة من تجربتها السابقة في دور مثل كارفن ولاكوست، حيث نظرت إلى الجسد كلوحة فنية. في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، حيث يواجه العديد من دور الأزياء تباطؤاً في المبيعات، حققت بوتيغا فينيتا ارتفاعاً بنسبة 1% في النصف الأول من عام 2025، مما يعكس مرونتها مقارنة بمنافسيها مثل غوتشي وسان لوران ضمن نفس المجموعة المالكة. على الرغم من أن تأثير تروتر الكامل لم يتجلى بعد، إلا أن قدرتها على خلق رغبة في اقتناء تصاميمها تعزز مكانة الدار في سوق يبحث فيه العملاء عن أكثر من مجرد ملابس. اختتمت تروتر حديثها بالإشارة إلى إلهامها من لورا براغيون، الأولى في منصبها كمديرة إبداعية، معتبرة أن تجربة المرأة الإيطالية في نيويورك كانت رمزاً للحرية، وهو ما نقلته إلى مجموعتها.
دار الأزياء الإيطالية وتطورها
باتت دار بوتيغا فينيتا رمزاً للأناقة المتوازنة، حيث تدمج التراث الإيطالي مع الابتكار الحديث. في ظل قيادة تروتر، أصبحت العلامة تشجع على الثقة بالنفس من خلال تصاميم “العملية الناعمة”، التي تجنح نحو البساطة دون فقدان الجاذبية. هذا التطور يعكس تغييراً أكبر في صناعة الموضة، حيث تزداد أهمية النظرة الأنثوية والحرفية في جذب الجمهور، سواء كانوا من محبي الإطلالات النسائية أو الرجالية. مع زيادة التركيز على الجودة والراحة، يبدو أن بوتيغا فينيتا مستمرة في تعزيز مكانتها كقوة إبداعية في عالم الأزياء الفاخرة.
تعليقات